الجمعة , 11 كانون الثاني , 2019 :: 8:52 ص
"حركة حماس تتقدم المشهد الفلسطيني " منور الدباس

جبال البلقاء الاخباري: لماذا الإستغراب إذا قلنا بأن حركة حماس قد نجحت في تقديم نفسها بديلا عن السلطه الفلسطينيه ، والتي تمثلها "حركة فتح "حيث نجحت نجاحا ملحوظا ومفهوما ، وذلك حين سيرت مسيرات العوده وفك الحصار على حدود التماس مع اسرائيل ، والتصدي الناجح للعمليه العسكريه الإستخباراتيه الصهيونيه السريه ، التي كشفتها قوات حماس ، حيث هزمت القوه الصهيونيه ، وعادت من حيث أتت تجر ذيول الهزيمه والفشل ، وقتل من افرادها ضابطا وجنودا ، وكاد هذا النصر وفشل العدو أن يطيح بحكومة العدو الصهيوني ، والتي أحدثت ازعاجا وقلقا شديدا للقياده الصهيونيه من جرائها ، وكذلك خطرا جديدا يهدد الكيان الصهيوني ويقض مضاجعه على طول حدوده مع قطاع غزه ، الذي انسحب منه العدو انسحابا احادي الجانب عام 2005 تحت بطش المقاومه والخسائر التي مني بها جيش العدو ، حيث تم تسليمه الى حركة حماس في زمن الرئيس شارون المجرم ، والذي كان هو السبب القوي في اتخاذ قرار الإنسحاب من قطاع غزه بالكامل ، رغم وجود معارضه قويه ترفض الإنسحاب.

لكن ماكان يدور في دماغ شارون ويطمح اليه ، أن يصل الى الهدف الذي ينشده ويتمنى ان يحققه ، وهو ان يحدث حرب اهليه بين الحركتين فتح وحماس في القطاع والضفه ، فتضعف الطرفين ويخسر الفلسطينيون وحدتهم الوطنيه ، لكن ما حصل بأن حركة حماس ومعها حركة الجهاد الإسلامي افشلت خطة شارون وحزبه الليكود الصهيوني المتشدد ، حيث سلمت قطاع غزه للسلطه الفلسطينيه واصبح القطاع تحت حكم السلطه ، وبهذا فوتت على العدو الصهيوني ما كان يرسم له ويتمناه ، واحتفظت حركة حماس بمشروع المقاومه المسلحه قائما في غزه ، لمقارعة العدو الصهيوني في كل فلسطين دون اسثناء .

بدأت حركة المقاومه حماس عملياتها الإنتحاريه والسيارات المفخخه ، واعتمدت عليها في المقاومه لمقارعة العدو الصهيوني المحتل ، لكن بالمقابل كان العدو الصهيوني عقب كل عمليه يقتل فيها الجنود الصهاينه اومن قطعان المستوطنين ، تحدث بعدها ردة الفعل للعدو الصهيوني المحتل ، وذلك بقصف وحرق مؤسسات ومراكز الشرطه الفلسطينيه ومؤسستها الأمنيه ، وكان هذا كله في زمن الراحل المناضل ياسر عرفات "ابو عمار " زعيم حركة فتح ، وكذلك الشيخ احمد ياسين الزعيم الروحي لحركة حماس عليه رحمة الله ، وبقيت المقاومه بين مد وجزر في مقارعة العدو الصهيوني البغيض ، في كل فلسطين الى ان تم تغييب ابو عمار ومحاصرته في المقاطعه لسنتين ، ثم حذفه من المشهد الفلسطيني بالموت وبالتسميم ، هذا ولم يعرف حتى الآن من الذي سممه .

جاء من بعده الرئيس محمود عباس الذي اصبح الرجل الأول في السلطه ، وقد عين من حوله ممن كانوا يقفون الى جانبه في مناكفة ومعارضة المناضل ياسر عرفات ، الذي حقق للفلسطينيين مالم يحققه غيره على ارض الواقع الفلسطيني . لكن المشهد الفلسطيني قد تغير وبشكل كبير ، حيث توسعت السلطه ورفعت مستوى التنسيق الأمني مع العدو المحتل ، رغم ان رئيس السلطه لا يستطيع أن يتنقل في الداخل والخارج هو وكل مسؤول فلسطيني في السلطه ، الا بموافقه أمنيه من الحاكم العسكري الإسرائيلي .

طلب رئيس السلطه محمود عباس ان تجري انتخابات في الضفه والقطاع ، رغم معارضة شخصيات في فتح هذه الإنتخابات ، خوفا من تفوق حركة حماس على حركة فتح ، لكن الرئيس اصر على إجرائها . اجريت الإنتخابات عام 2006 ونجحت حركة حماس بأغلبيه عاليه ، وصار عليها ان تشكل حكومه وحده وطنيه فلسطينيه من كل القوى الفلسطينيه المتواجده في الساحه الفلسطينيه ، وكما وعدت الشعب الفلسطيني قبل الإنتخابات بذلك ، حيث أوفت بوعدها .

لكن سرعان ما خرجت تصريحات ناريه من شخصيات قياديه من حركة فتح ، ومقربه من عباس ، او موجوده في السلطه ، أنها لن تشترك مع حماس في أي حكومه ، ولن تتعاون معها تحت أي ظرف ، لكن الرئيس عباس كلف حركة حماس ممثلها إسماعيل هنيه بتشكيل حكومه فلسطينيه ، حيث تم وضع العراقيل امامها ، وحوربت من قبل حركة فتح ، وبعض الدول العربيه ، حيث تم إفشال هذه الحكومه عمدا ، وانتهت حين انقلبت حركة حماس على حركة فتح بقطاع غزه ، بعد تعمد حركة فتح بقيادة "القيادي محمد دحلان "بتسببها في إحتكاكات واستفزازات قويه تعرضت لها حماس في قطاع غزه اصبحت تتكرر باستمرار ، لكن حركة حماس انقلبت على دحلان وسيطرت على كل مواقعه العسكريه ، هذا وقد هرب القيادي دحلان الى الضفه الغربيه ، وعلى أثر هزيمته طالبت بعض قيادات فتح بمحاكمته ، وتمت محاكمته ، لكن الملف تم اغلاقه لأسباب لا أحد يعرفها سوى فتح السلطه.

اقال الرئيس عباس حكومة اسماعيل هنيه ، وبالمقابل سيطرت حماس على كل مفاصل قطاع غزه ، واصبحت حكومه في الضفه وحكومه في قطاع غزه ، يعني حكومه فلسطينيه تحت الإحتلال وبرأسين . حاولت اسرائيل اضعاف المقاومه في غزه ، وتدمير قوتها العسكريه وخاصه الصاروخيه حيث شنت عليها ثلاثة حروب 2008/2012/2014 ، وقد فشل العدو الصهيوني ان يحقق اهدافه في تلك الحروب الثلاثه ، ومن أهم اهدافه هو التخلص من قيادة حركة حماس والجهاد ، واعتقال قياداتها ، وتسليم القطاع الى القيادي المعروف محمد دحلان ، الذي كان يقيم في العريش على الحدود المصريه لقطاع غزه ، وذلك في آخر حرب عل القطاع لكن الفشل كان حليف العدو الصهيوني البغيض ، وقد حاولت الشقيقه مصر العربيه والسعوديه وقطر حل الخلاف بين فتح وحماس ، وعمل مصالحه وطنيه ، لكن كل هذه المحاولات للمصالحه لم تنجح وبقيت السلطه على الضفه الغربيه وحماس على قطاع غزه .

هذا وقد تعرضت حركة حماس لإستفزازات كانت كلها تصب في مصلحة السلطه ، منها على سبيل المثال لا الحصر التعرض لموكب رئيس حكومة فلسطين رامي الحمدالله ، واخرها الإعتداء على مقر تلفزيون فلسطين في غزه وتحطيم كل موجوداته ، واتهام حماس بذلك ، لكن حماس نفت التهم جملة وتفصيلا ، وقد اعتقلت بعض العناصر من حركة فتح في غزه ، وبالتحقيق معهم اعترفوا بذلك الهجوم ، والسبب الذي دفعهم هو قطع الرواتب عنهم من قبل السلطه ، إلا أن السلطه بقيادة عباس مصره على أن حركة حماس هي من دبرت هذا الهجوم الموجه .

لكن بالمقابل وعلى الجانب الآخر والأهم والأخطر على السلطه الفلسطينيه التي اصبحت تتسول التأيد لها محليا وعربيا وعالميا "امريكيا "وغدت حركة حماس هي القوه التي تتصدر المشهد الفلسطيني عسكريا وسياسيا ، واستطاعت حركة حماس ان تجبر العدو الصهيوني على إبرام هدنه طويلة الأمد مع العدو المحتل ، وهذه الخطوه الكبيره في معناها السياسي والعيكري ،والتي صنعتها صواريخ المقاومه وصواريخ دولة إيران الإسلاميه ، اقلقت السلطه الفلسطينيه ، حيث تم ذلك من وراء ظهرها ، والذي زاد من قلقها وقلق العدو الصهيوني ، الذي يحمل السلطه اتهامها بالتقصير بواجبها بقمع المقاومه في الضفه الغربيه ، واغلبها في مدينة رام الله وما حولها ، وهذا يعني أن حركة حماس تريد أن تحي المقاومه في الضفه الغربيه ، بعد ان قمعتها السلطه واسكتتها وأدخلت رموزها وكل النشطاء المقاومين للإحتلال الصهيوني السجون والمعتقلات . هذا وتعرف السلطه الفلسطينيه اكثر من غيرها ، بأن حركة حماس تطمح أن تستقطب الضفه الغربيه وأن تسيطرعليها ، بعد ان تفشل السلطه من السيطره وقمع المقاومه في الضفه الغربيه ، والتي تنمو يوما بعد يوم ، وقد ظهر ذلك بعد واثناء مسيرات العوده وفك الحصار التي نظمتها حماس على طول الحدود الجنوبيه للإحتلال الصهيوني مع قطاع غزه .

*منور أحمد الدباس