الإثنين , 15 نيسان , 2019 :: 8:43 ص
كيف ينظر العالم إلى الأردن؟ إبراهيم سيف

جبال البلقاء الاخباري: ما بين منتدى الاقتصاد العالمي الذي انعقد في البحر الميت، وما بين اجتماعات الربيع السنوية للصندوق والبنك الدوليين أتيحت لنا الفرصة للاطلاع على كيف ينظر بعض رجال المال والاعمال الى الأردن ، هذه الاجتماعات تجمع خبراء الاقتصاد مع اهل السياسة ورجال الأعمال وتوفر فرصة لإجراء المراجعات اللازمة للوضع الاقتصادي والسياسي. 

خلافا لتقييمنا الذاتي الذي ينتقد الأداء وتواضع مستويات النمو ، فإن الكثير من المراقبين يؤكدون قدرة الاقتصاد الأردني على مواجهة التحديات التي تواجهه، أو ما يوصف بالمنعة الاقتصادية والقدرة على التكيف ، حيث ان الوضع السياسي المحيط، وتدفق اللاجئين ، وتراجع المساعدات الخارجية وارتفاع أسعار النفط، كلها عوامل كان من المفترض ان تؤدي الى أزمة عميقة وحادة ، إلا ان النتائج كانت تراجع النمو الذي استمر إيجابيا وإن كان بمعدلات متواضعة . 

وما يؤخذ على الأداء في الأردن هو انه لم يتطرق بعد الى “الإصلاحات الهيكلية” ، بمعنى ان الإجراءات المالية التي اتخذت ، حققت شيئا من التوازن على صعيد المالية العامة ، إلا ان الإصلاحات التي توصف بأنها جوهرية في قطاعات مثل النقل والطاقة والمياه وسوق العمل مؤجلة رغم وجود قواسم مشتركة كبيرة حولها ، ولكن طبيعة الاجراءات تتطلب إرادة سياسية ودعما مجتمعيا وتواصلا على عدة مستويات للبدء بتلك الاجراءات التي من شأنها تصحيح اختلالات لا يمكن الاستغناء عنها إذا اردنا تعزيز المنافسة، يشمل ذلك إعادة النظر بالتعرفة والقوانين الناظمة لسوق العمل. 

البعد الثالث في النظرة الى الأردن يرتبط بأننا في الأردن نتفهم مشاكلنا ، ونتحدث عنها ونصفها أكثر بكثير من التزامنا في تنفيذها، ويعتبر عديدون ان استمرار الحديث عن التحديات وما يجب عمله يفقد السياسات العامة الكثير من المصداقية التي نحتاجها لتنفيذ الإجراءات المطلوبة، وكمثال على ذلك ، لا ينقطع الحديث عن بيئة الأعمال وضرورة تحسينها ، ولكن ترتيب الأردن في المؤشرات الدولية لا يشهد تحسنا ، وإذا كنا لا نرغب باعتماد تلك المؤشرات كمقياس للتحسن ، فلا داعي لأن نحتفل بانعقاد المنتدى في نسخته العاشرة في البحر الميت وهو الذي يصدر العديد من تلك المؤشرات، ويصبح من الأفضل وضع معايير أخرى لقياس التحسن. 

ضمن ذات السياق ، يرى عديد من المراقبين أن الأردن لم يحسم بعد ما هو المطلوب من القطاع الخاص ، وكيف يمكن توظيف موارد ذلك القطاع للاستفادة منها في تعزيز مستويات النمو، وهناك تردد في حسم هذا الموضوع الذي يضع الدولة في اطار المنظم والمراقب ويفسح المجال امام القطاع الخاص للمضي في تنفيذ مشاريعه. إذ ما تزال هناك درجة عالية من عدم الثقة والضبابية التي تعطل العديد من المبادرات التي يمكن ان تساعد في حل مشكل البطالة وتسريع معدلات النمو. 

أخيرا وعلى هامش اجتماعات الربيع في واشنطن ، يتضح ان النظرة بعيدة المدى التي تأخذ مستجدات الثورة الصناعية الرابعة ، والذكاء الاصطناعي ، واعداد الكوادر البشرية للتكيف مع تلك المستجدات ، هو ما يشغل العالم، والتنافس الحقيقي هو في كيفية توظيف هذه الأدوات الجديدة للالتحاق بالركب ، وهي تشكل فرصة وتحديا بذات الوقت، فرصة لمن يتمكن من استيعاب المتغيرات وتحديا امام من يتردد.