الثلاثاء , 14 كانون الثاني , 2020 :: 10:34 ص
ارتباك الاستجابة لأنين الفقراء - جمال الطاهات-

جبال البلقاء الاخباري - شريحة من الفقراء الذين انتجهم العجز والمرض ليس لها إلا الأنين. قبل يومين، انتشر عبر «الفيس بوك» أنين استغاثة لعامل وطن «ضربت عنده الرئة» على حد تعبيره، وأصبح عاجزاً عن العمل بموجب شهادة طبية، وهو أب لطفلين، نشر صورهم مع نداء الاستغاثة حيث إن راتبه التقاعدي 160 دينار، ويزيد معدل الإيجارات في المنطقة التي يقطنها، وكان يخدمها عن 40 % من الدخل. وهو يدفع تامينا صحيا له ولاولاده 20 دينارا. هذه قصة يمكن أن تحصل في أي مكان. ولكن الغريب هو نمط الاستجابة الاجتماعية المرتبكة والعاجزة إزاء الحالة كما تبدت في صفحة «الفيس بوك».
جيث توزعت الاستجابات على طيف واسع مرتبك. أهم شرائحها التي اكتفت بالدعاء للمستغيث بالشفاء والفرج العاجل. وشريحة كبيرة لا تقل عن الاولى «طلبت الفزعة» واستنجدت بأهل الخير لمساعدة الرجل وعائلته. وشخص واحد من المستجيبين تعهد بتقديم المساعدة وطلب من المستغيث أن يتصل به على رقم هاتف وضعه لهذه الغاية. وأحدهم أشار إلى أن الذين رواتبهم أقل من 300 دينار يجب أن لا يدفعوا تأمينا صحيا. وآخر حاول أن يبعث الأمل بأن هناك تعديلا للراتب قريباً «إن شاء الله»، وأهاب بأهل الخير أن يتدخلوا للمساعدة. وأحد المستجيبين نصح المستغيث بأن يبعث شكواه إلى شخص نشط في هذا المجال، وهناك من استنجد بهذا الشخص متبرعاً.
صحيح أن هذه ليست عينة يمكن الاعتماد عليها لصياغة استنتاجات أو التوصل إلى نمط استجابة اجتماعي، ولكنه مؤشر على أنه حتى في المناطق التي شوه الفقر ملامحها، تبدو المجتمعات مرتبكة وعاجزة عن صياغة استجابة موحدة وفاعلة.
غياب النمط المشترك والفاعل الذي يعبر عن قدرة المجتمعات المحلية للاستجابة لأنين الفقراء، مؤشر على خلل كبير. والذي يحتاج إلى جرس كبير للإيقاظ ليس أنين الرجل المريض، ولكن عجز المجتمع، وغياب نمط استجابة اجتماعي محلي فاعل.

- جمال الطاهات -