الإثنين , 08 تشرين الأول , 2018 :: 5:10 م
احفظ الله يحفظك..د هاني خليل عابد

جبال البلقاء الاخباري:الحياة منحة من الله ،وكل ما فيها من عطاء الله ، والسعيد من تعامل مع العطاء الرباني بالحفظ ،والشكر ،ومن الشكر أعطاء العطاء حقه ،وصرفه فيما خلق من أجله ،وبهذا نخلص من الإسراف والتبذير هذا من جهة، ومن جهة أخرى يساعدنا هذا على المحافظة على إنسانيتنا الحضارية، فنؤدي العبادات بفاعلية، وروحانية تظهر بركاتها في حياتنا .وسبيل تفهم هذا وتفعيله أن نستشعر معية الله في إقامتنا وترحالنا ،وغدونا وآصالنا ،فعن ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: كُنْتُ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا، فَقَالَ: «يَا غُلَامُ إِنِّي أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ، احْفَظِ اللَّهَ يَحْفَظْكَ، احْفَظِ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ، إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلِ اللَّهَ، وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ، وَاعْلَمْ أَنَّ الأُمَّةَ لَوْ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ، وَلَوْ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ، رُفِعَتِ الأَقْلَامُ وَجَفَّتْ الصُّحُفُ» رواه الترمذي وقال هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ " احفظ الله يحفظك" ومعناه: كن مطيعا لربك مؤتمراً بأوامره منتهياً عن نواهيه. وقوله: "احفظ الله تجده تجاهك" أي: اعمل له بالطاعة ولا يراك في مخالفته فإنك تجده تجاهك في الشدائد(شرح ابن دقيق العيد على الأربعين)

البداية تكون بإلاخلاص لله قال تعالى " وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاَةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ القَيِّمَةِ} [البينة: 5] ومن بعد ذلك يترتب على الإنسان أن يتعلم فقه العبادات والشعائر، فيؤديها برعاية ،وحفظ ،ومحافظة ،فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ المَسْجِدَ فَدَخَلَ رَجُلٌ، فَصَلَّى، فَسَلَّمَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَرَدَّ وَقَالَ: «ارْجِعْ فَصَلِّ، فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ» ، فَرَجَعَ يُصَلِّي كَمَا صَلَّى، ثُمَّ جَاءَ، فَسَلَّمَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: «ارْجِعْ فَصَلِّ، فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ» ثَلاَثًا، فَقَالَ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالحَقِّ مَا أُحْسِنُ غَيْرَهُ، فَعَلِّمْنِي، فَقَالَ: «إِذَا قُمْتَ إِلَى الصَّلاَةِ فَكَبِّرْ، ثُمَّ اقْرَأْ مَا تَيَسَّرَ مَعَكَ مِنَ القُرْآنِ، ثُمَّ ارْكَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ رَاكِعًا، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَعْدِلَ قَائِمًا، ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِسًا، وَافْعَلْ ذَلِكَ فِي صَلاَتِكَ كُلِّهَا»(البخاري ومسلم) وإذا فرغ من صلاته امتدت أنوارها سلوكاً في حياته قال تعالى :" وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ (العنكبوت:45). وكذلك يراعي أداء الصيام بالوقار وتجليات حديث قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " قَالَ اللَّهُ: كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ، إِلَّا الصِّيَامَ، فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، وَالصِّيَامُ جُنَّةٌ، وَإِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ فَلاَ يَرْفُثْ وَلاَ يَصْخَبْ، فَإِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ أَوْ قَاتَلَهُ، فَلْيَقُلْ إِنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ "(البخاري ومسلم) وما دام الصيام لله فليكن العبد لله كما قال أهل العرفان، وليحفظ صيامه من المفسدات المادية كالفطر ،والمعنوية كالغيبة ، وفي الزكاة يراعي المزكي قوله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالأَذَى} [البقرة: 264] وليعمل في حجه بقول النبي صلوات الله عليه  «مَنْ حَجَّ لِلَّهِ فَلَمْ يَرْفُثْ، وَلَمْ يَفْسُقْ، رَجَعَ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ»(البخاري) وكذا في بيعه وشرائه يحرص على الأمانة والصدق والكسب الحلال فعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر على صبرة طعام فأدخل يده فيها، فنالت أصابعه بللا فقال: «ما هذا يا صاحب الطعام؟» قال أصابته السماء يا رسول الله، قال: «أفلا جعلته فوق الطعام كي يراه الناس، من غش فليس مني»(البخاري) من أحب ربه تعلق به وبذكره ،وطاعته وعمل للباقي ولم يفني نفسه بالحظوظ الفانية ،والمصالح الضيقة ،والتعبيرات المفرقة ،جمعنا الله على طاعته وحبّه.