الخميس , 06 كانون الأول , 2018 :: 7:06 م
أسماء الله الحسنى...المفتي د هاني خليل عابد

جبال البلقاء الاخباري:
مسائل العقيدة علم يدفع للسعادة وإعمار الكون  

لا ريب أن لكل عصر مصادر للبحث فيه تراعي نشأته ، وتطوره وثقافته ، بحيث تتناغم أدوات البحث ومراجعه  مع أولويات الحياة ، التي لا تفتأ تشهد  تطورات العالمية ، والعولمة ،وتساهم في صناعة المعرفة العلمية ،التي توجه الإنسان نحو الإنسانية ،والحضارية ،والبناء ،وأذكر مثلاً حينما كنّا في مرحلة  الطلب الجامعي كان أساتذتنا الكرام من أمثال الدكتور راجح الكردي و الدكتور محمد نبيل العمري حفظهما الله يربطان الطلبة بالكتب العلمية في مجال العقيدة ،ككتاب العقيدة الإسلامية وأسسها للدكتور محمد عبد الرحمن حبنكة ، وهو كتاب يعطيك تصورات واضحة عن العقيدة الإسلامية ،وخصائصها القائمة على التوازن بين المادة والروح .

أخطاء منهجية في تدريس العقيدة

 تنتشر عند بعض الناشئة أسماء مذاهب  في العقائد ،معظمها في الفرعيات لا في أمهات المسائل ،مع أن مثل هذه المسائل ينبغي أن يحصر البحث فيها  بين الخاصة من أهل العلم ،مع التنبه إلى أن هذه الدراسات استخدمت أحياناً في تاريخنا في إشعال الفتن، وتفكيك المجتمعات ، مما استرعى انتباه  من لا يريدون  الخير لهذه الأمة ، فانتفعوا من هذه الاتجاهات في التفريق مما زاد الفجوة  فخرج البعض من كلا الاتجاهين عن منهجه  إلى الغلو والتطرف،  فبيمنا ذهب  فريق للانشغال بما لا طائل تحته من البحث عن الذات العلية ،فيلجأ إلى التأويل  في كل شيء ،ويذهب فريق آخر إلى إغلاق البحث في أمور العقيدة ،بل وعرضها كمعلومات نظرية لا أثر لها في السلوك وكلا القصدين لا يخفى ما يسببه من متاعب في زيادة التباعد والخصام  ،إضافة لعلل التوهم والتشكك التي يقع فيها من يتعمق في هذا بدون أرضية ثقافية تؤهله لفهم المقاصد، وللمزيد من تجلية ما يترتب على ذلك من العلل فمن الأفضل مراجعة كتاب الاقتصاد في الاعتقاد للغزالي . فموضوع العقيدة يقصد إلى توجيه السلوك الحضاري ليكون لله ،وابتغاء مرضات الله ،والتغلب على أزمات الحياة ،وفتح باب المناجاة مع الخالق العظيم ،والتفكر في نعمه .

في موضوع أسماء الله الحسنى

 يطالبنا القرآن الكريم بالتوجه  بهذه الأسماء إليه فيقول سبحانه "ولله الْأَسْماءُ الْحُسْنى فَادْعُوهُ بِها وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كانُوا يَعْمَلُونَ ( الأعراف :180) ،وفي السنة النبوية الترغيب بإحصائها فعن أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ لِلَّهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمًا مِائَةً إِلَّا وَاحِدًا، مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الجَنَّةَ» (رواه البخاري ومسلم) و إحصائها عن طريق حفظها ،ومعرفة معانيها الدقيقة ، وأخذ العبرة من معانيها ، والتبرك بها ،والتحصن من عاديات الزمان، وارتفاع الهمة في التغلب على الصعاب ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَا أَصَابَ أَحَدًا قَطُّ هَمٌّ وَلَا حَزَنٌ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي عَبْدُكَ، ابْنُ عَبْدِكَ، ابْنُ أَمَتِكَ  نَاصِيَتِي بِيَدِكَ، مَاضٍ فِيَّ حُكْمُكَ، عَدْلٌ فِيَّ قَضَاؤُكَ، أَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ، أَوْ عَلَّمْتَهُ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ، أَوْ أَنْزَلْتَهُ فِي كِتَابِكَ، أَوِ اسْتَأْثَرْتَ بِهِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ، أَنْ تَجْعَلَ الْقُرْآنَ رَبِيعَ قَلْبِي، وَنُورَ صَدْرِي، وَجِلَاءَ حُزْنِي، وَذَهَابَ هَمِّي، إِلَّا أَذْهَبَ اللَّهُ هَمَّهُ وَحُزْنَهُ، وَأَبْدَلَهُ مَكَانَهُ فَرَحًا "، قَالَ: فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلَا نَتَعَلَّمُهَا؟ فَقَالَ: «بَلَى، يَنْبَغِي لِمَنْ سَمِعَهَا أَنْ يَتَعَلَّمَهَا»(رواه أحمد في المسند ) وفي الحديث دخل رسول الله صلوات الله عليه المسجد، فإذا رجل قد قضى صلاته وهو يتشهد، فقال: اللهم إني أسألك يا ألله بأنك الواحد الأحد الصمد، الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد، أن تغفر لي ذنوبي، إنك أنت الغفور الرحيم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «قد غفر له» ، ثلاثا (رواه النسائي) وكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْعُو عِنْدَ الكَرْبِ يَقُولُ: «لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ العَظِيمُ الحَلِيمُ، لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ، وَرَبُّ العَرْشِ العَظِيمِ»(رواه البخاري ومسلم)