السبت , 29 حزيران , 2019 :: 8:51 م
د.أحمد زيادات .. دمٌ بنكهة ملح الأرض!

جبال البلقاء الاخباري: أحمد زيادات ابن عيرا القابعة على أكتاف أودية البلقاء؛ كان ذات يوم كما هو اليوم جندياً، شجاعاً، مخلصاً على ثغور الوطن، يغمض عينيه بقلق على مواجهة المخاطر المحدقة بالأرض، والتاريخ، والتراب، والهوية، جندياً تحدق عيناه ككل الأردنيين الأحرار؛ عين على القدس، والأخرى على عمان، كان مشروع شهادة، ورسالة نبل لم تفهم وقتذاك، سالت دماؤه الزكية منذ نصف قرن من أجل وطن كان على الدوام موئل الحرية، ومنارة الكرامة، ومهد العروبة النابض بالإيمان.

ألمّ به الجرح الذي ما زال يعالج منه حتى اليوم للدرجة التي اضطر فيها أن يغادر الجيش الذي أحب، وعانق، غادر للعلاج ثمّ عاد، وأكمل دراسته في الجامعة الأردنية؛ فأبدع، وتقدم الصفوف في الحقوق فأوفد إلى بلاد الضباب؛ ليعود أستاذاً مبدعاً متمسكاً بقيم الحق، والعدالة، ومؤمناً بوطن هو بين الرمش، والعين ويواري جرحه الذي يداوية، ويداريه كل ليلة، ويعين على الصبر ذاك التفوق والتميز وإطروحة ترجمت إلى لغات كثيرة ما زالت مضامينها في خدمة البحث العلمي في العالم أجمع.

أحمد زيادات أستاذاً متميزاً ورجل قانون يُشار له بالبنان في أرجاء الوطن، والمنطقة، وصاحب موقف لا يتزجزح، وعزم لا يلين، ومبادئ لم تعبث بها مزالق السلطة، ونوافذ السياسة المشرعة بالوهم، والوهن معاً، وعميداً لكلية الحقوق في أم الجامعات الأردنية، مرسخاً لمواقف، وتقاليد أكاديمية ما زالت ماثلة، عصياً على الواسطة، والمحسوبية، كبيراً في رؤآه الأخلاقية، وثوابته الوطنية، وعزيزا شامخاً، عفيفاً، متعففاً عن مغريات السلطة، وعوامل الانحراف عن قيم الحق، والعدالة.

احمد زيادات رئيساً لديوان التشريع والرأي، حدّث، وطوّر وعزّز استقلالية الديوان، ومستشاريه، وأبدع - كما فعل من خلفه لهذا الموقع الدكتور نوفان العجارمة- فرسَّخا مفهوم حرفة الصناعة، والصياغة التشريعية، وكيف ينهض ديوان الرأي، والتشريع؛ ليكون المستشار القانوني للحكومة، وبيت الخبرة القانونية، لصناعة النص القانوني، والرأي الحصيف بمهنية، وحرفيه، وحكمة وطنية واعية؛ تأخذ بعين الاعتبار مواطن الضعف في معالجة النصوص التشريعية سواء أكان ذلك في مجلس الوزراء، أو مجلس الأمة، أو المؤسسات العامة في الأنظمة التي تتعلق بها.

الدكتور أحمد زيادات كان رقماً صعباً في حكومة دولة الدكتور عبدالله النسور، وصاحب شكيمة ورأي، ورجل دولة قاتل من أجل رأيه غير ذي مرة حتى إذا قرر مجلس الوزراء خلاف ذلك انبرى للدفاع عن قرار الحكومة احتراماً لرأي الأغلبية، رجل دولة، وقانون يعي معنى أن لا يجاهر السياسي بأراءه الخاصة ما دام يعمل ضمن فريق حتى وأن اختلف معهم باعتبار أن الاستقالة حق، وخيار امّا المجاهرة بالخلاف فهي مزاودة لا تليق بالسياسي، ورجل الدولة الرزين.

أمّا الذي دفعني للكتابة عن هذه القامة الوطنية المخلصة: مثالية السلوك، ووطنية الحس، والإدراك، شخصية تصلح لأن تكون إنموذجاً لكل الأردنيين الذين يريدون خدمة الوطن بأخلاص، وتفانٍ!، شخصية تمثل نبض الفقراء، والشهداء وكل إبداعٍ يوظف في الوطن ومن أجله.

أحمد زيادات حالة وطنية لم تطرق أبواب السفارات بعد، ولن....!!!

*بقلم:د. طلال طلب الشرفات