جبال البلقاء الاخباري: أثارت نشرة وزارة المالية التي دار الحديث عن تأخر صدورها شجون الاقتصاد الاجتماعي، وبالذات المرويات أو الروايات الاقتصادية ومتداول الأخبار المؤثر على حالة التفاؤل أو التشاؤم ذات الصلة بالاقتصاد التي تسود في المجتمع، خاصة القيم والمعتقدات والسلوكيات الاقتصادية التي تنعكس على الناتج المحلي الإجمالي.
انتشار التفاؤل وعدوى انتقاله بوجود فائض السيولة وضخامة الودائع البنكية المتاحة، واستقرار الدينار، وتصنيف الأردن الائتماني واتجاه أسعار الفائدة القادم نحو الانخفاض، وجاذبية الأردن السياحية، يفترض أن تكون كفيلة بنقل العقل الجمعي إلى حالة وردية متفائلة تقود قاطرة الاستثمار والإنفاق، عكس الحاصل حالياً حيث الإصرار على حتمية التراجع وعدمية الحلول، بشكل يكبح جماح المقبلين على إطلاق سيولتهم المستكينة في وارف الفوائد البنكية نحو آفاق الاستثمار المبشر.
هذا الموضوع يحتاج لوسائل علمية للتعامل معه بدءًا من استخدام البيانات الاقتصادية التاريخية للمملكة لفهم العلاقة بين شعبية السرديات والأداء الاقتصادي ومدى تأثير التشاؤم غير المحق على الاقتصاد بالسلب.
البدء يكون من خلال تصميم استبيانات لجمع البيانات حول سلوكيات القراءة والآراء الاقتصادية، ثم استهداف عينات تمثيلية من السكان لدراسة تأثير الروايات على مختلف الفئات الاجتماعية والاقتصادية. والهدف يكون قياس التفاؤل أو التشاؤم في المجتمع الذي قد يكون أي منهما في محله أو في غير محله.
على أن يتم ربط نتائج الاستبيانات مع المتاح على وسائل التواصل الاجتماعي والمواقع لمعرفة مشاعر الناس وتوقعاتهم الاقتصادية، يليه تقدير تأثير التفاؤل المعدي على تقلبات الناتج المحلي الإجمالي مع مراعاة الظروف الاقتصادية الحالية في الأردن عند تحليل البيانات وتفسير النتائج. ولقد أثبتت أحدث الدراسات أن التفاؤل أو التشاؤم المعدي يمكن أن يفسر حوالي 20 % من التقلبات في الناتج المحلي الإجمالي.
التفاؤل يمكن أن ينتشر بين الأفراد كالعدوى ويمكن أن ينقلوا هذا التفاؤل إلى الآخرين من خلال تفاعلاتهم الاجتماعية مما يقود نحو تغيير توقعات الناس وسلوكهم ويزيد من ثقة المستهلكين والمستثمرين، مما يدفعهم إلى إنفاق واستثمار أكثر، وبالتالي يحفز الاقتصاد ويخفض البطالة.
قد يكون للروايات تأثير مختلف على السلوكيات الاقتصادية في فترات الازدهار والركود، مما يستوجب استغلال هذه المعرفة لتوجيه الروايات الإعلامية نحو تعزيز الثقة الاقتصادية وتحسين المؤشرات الاقتصادية الكلية، مثل الناتج المحلي الإجمالي ومعدلات البطالة وغيرها.
فوائد دراسة الروايات على الاقتصاد لا تعد، أهمها تخفيف التقلبات الاقتصادية، وتحقيق استقرار اقتصادي أكبر، كما تسهم في وضع إستراتيجيات طويلة الأمد لتوجيه الاقتصاد الأردني نحو مسار مستدام ومستقر وزيادة القدرة على التنبؤ. كل ذلك يساعد الحكومة وصناع القرار في القطاع الخاص في صياغة سياسات أكثر فعالية لتحفيز النمو الاقتصادي والاستقرار.
أحدث الروايات الأردنية ان الإيرادات تراجعت والتحليلات ربطت ذلك بتأخر النشرة المالية، لدرجة أن البعض نسب التراجع لأداء الشركات الحكومية الإستراتيجية وغيرها من أقاويل. النتيجة أن صدرت النشرة ليتضح بأن الإيرادات زادت ولم تنقص، وعلى هذا قس على مرّ التاريخ.
الأقاويل وبث أجواء التشاؤم تؤذي اقتصادنا، وإن كنا جميعاً نعترف بصعوبة الأوضاع التي يمكن بالإرادة تحويل تحدياتها إلى فرص.
"الغد"