جبال البلقاء الاخباري: بتكييف قانوني لا يحتمل الالتباسات، يكشف الدكتور نوفان العجارمة وهو الخبير القانوني الفذ جريمة مكتملة الأركان تحدث في العملية الانتخابية وأمام مسمع وعيون الجميع، وتكييف الدكتور يصنف الظاهرة جريمة فساد مكتملة، فيها رشوة وتزوير إرادة ومخالفة جسيمة للقوانين الدولية والمحلية.
وهذا من وجهة نظر القانون، في دولة تسعى أن تكون دولة قانون، من خلال إصلاح سياسي يستهدف مؤسسة البرلمان التي تنتج القوانين.
لكن الأمر من وجهة نظر سياسية واجتماعية ووطنية يصبح أكثر هولا ورعبا حين تكون تلك الظاهرة التي تستخدم أدوات الإصلاح السياسي لقتل الإصلاح السياسي نفسه، ولا تبقي على الوضع الراهن الممسوخ أصلا، بل تنتج مسخا أكثر رداءة وتوحشا وباسم القانون نفسه يصبح هذا المسخ الأكثر توحشا مشرعا ورقيبا وبحصانات برلمانية، أما الأحزاب فستنتهي بالضرورة مكاتب بورصة وأكشاك رهان غير مشروع في مضاربات يفوز بها من يدفع الحصة الأعلى.
إذا افترضنا أن للأحزاب أربعين مقعدا في البرلمان، فإن هذه المقاعد وحسب سياق ظاهرة شراء التراتبية في القوائم الحزبية ووضع معيار "المال" ليكون صاحبه صاحب الرقم الفائز فإننا سنتوقع فاسدين بالرشوة وشراء الذمم بلا أي كفاءات أو معرفة أو رؤية سياسية "حتى رؤية الحزب نفسه" يحظون بالمقعد البرلماني، ويمارسون – بحكم الصلاحيات الدستورية- التشريع والرقابة! هل يعقل هذا؟
هذا ببساطة يعني اختراق التجربة الحزبية الوليدة وإجهاضها بالفساد المالي والاحتيال على القانون، ويبني أساسات عملية فساد يمكن أن تصبح راسخة ومن الصعب قلعها والتخلص منها لو تمكنت في المستقبل من تثبيت نفسها بتشريعات يضعها أصحاب المصلحة الذين سيتحولون إلى مشرعين كاملي الأهلية التشريعية.
وهذا يعني أيضا انقلابا "بالاحتيال" على توجه الملك نفسه ورغبته – وهو رأس الدولة- في الإصلاح السياسي وخلق حالة حزبية صحية وسليمة تمثل توجهات المجتمع والناس والمواطنين.
إشارة الدكتور نوفان العجارمة القانونية واضحة بتكييف ما يحدث كجريمة، والكرة الآن في ملعب الهيئة المستقلة للانتخاب وباقي المؤسسات التي يخولها القانون للتدخل السريع وضبط عمليات شراء المقاعد البرلمانية بالمال عبر الأحزاب وقوائمها، وهي عملية معقدة بلا شك، لكن ضرورية لتلافي ما سيكون لو استمرت.
ليس الأمر سرا، والجميع يتحدث عن ذلك علنا في بعض الأحزاب التي بدلا من أن تعمل على توليد نخب سياسية جديدة ولادة طبيعية، لجأت قياداتها إلى التربح المالي ومنهجية ترسيخ الفساد عبر ولادات قيصرية غير مشروعة لنخب فاسدة لا تملك إلا المال لتصل إلى رتبة مشرع ورقيب في السلطة التشريعية مع ضمان الحصول على الحصانة البرلمانية، وشراء ما يمكن شراؤه من ترتيب العشرة الأوائل لمرشحي الحزب.
كل شيء يجري بشكل قانوني في كل هذا العمل غير القانوني، وهو ما يذكرنا بمقولة شكسبير الشهيرة:
غلف الخطيئة بغطاء من الذهب، تتكسر رماح العدالة عليها.
علينا نزع الغلاف الذهبي عن الخطايا لنراها كما هي فتستقيم العدالة من جديد.
الغد