جبال البلقاء الاخباري: يعد ترك انطباع جيد سلوكا حيويا في الحياة الاجتماعية، سواء كان في مقابلة عمل أو في مقابلة شخصية، فالطريقة التي تظهر بها للشخص المقابل ترسم طريق النجاح أو الفشل بينكما. ولكي تترك انطباعا حسنا على الفرد أن ينقل للاخر صفات، مثل: الإيجابية والثقة والكفاءة.
وفي كثير من الأحيان نشعر بالضياع (عدم القدرة على إيصال الانطباع الجيد)، وهنا يأتي دور "إدارة الانطباع"، ويعني قدرة الناس على ترك تأثير قوي في الآخرين، ويملكون مهارة كبيرة في تقديم أنفسهم بشكل ايجابي، وحين يفشلون.. يرتبط عادة بنقص الموارد وغياب الطاقة العقلية للتنقل والتفاعل مع الأوضاع الاجتماعية بشكل صحيح.
فالعرض الذاتي يشمل خطوتين؛ الأولى هي اختيار الصورة التي نود نقلها للآخرين، والثانية هي تقديم هذه الصورة بتكتيك استراتيجي، وهذه الخطوة هي التي يعتبرها الباحثون، بحسب موقع "سيكولوجي توداي" ضريبة للموارد العقلية.
فترك انطباع ايجابي يتطلب تنظيما ذاتيا وضبطا للنفس، وكلاهما يحتاج للجهد. فعلى سبيل المثال: حين يكون الأفراد مثقلين أو غير منتبهين لمن حولهم يبدون وكأنهم يتبجحون، ما يفسد الأمر بين الطرفين، ويفقدان القدرة على التواصل.
ولكن هل من المعقول أن بعض الناس، بغض النظر عن مواردهم العقلية لا يستطيعون ترك انطباع جيد؟
هذا التحدي للتفكير التقليدي في إدارة الانطباع، هو محور الدراسة الجديدة التي قادتها الاختصاصية النفسية جانينا شتايمتز من جامعة أوترخت في هولندا، حيث أكدت أن البعض منا لا ينجح في تقديم نفسه، وهذا ليس بسبب نقص موارده، ولكن بسبب عاملين "غير مدروسين" لم يأخذا بالحسبان هما:
- الفشل في أخذ وجهة نظر الشخص الآخر، فالقدرة على استباق عقول الآخرين ليست أمرا سهلا، وحين تنحرف الأمور عن مسارها، فهي نتيجة سوء التنبؤ ورد فعل عاطفي للمستقبل.
-النرجسية، قد تكون النرجسية في البداية نشطة ومثيرة للاهتمام وحتى مسلية، ولكن مع مرور الوقت تصبح الغطرسة والعدائية دائمة.. وغالبا ضد المعارف، وتنعكس على العلاقات الوثيقة.
ولأن النرجسيون يرون أنهم متفوقون على الأخرين، يقومون بمقارنات دونية وينتقصون من شأن الآخرين. ويظهرون قدرا ضئيلا من التعاطف.
وربط القائمون على هذه الدراسة أن هذين العاملين يسهمان في قيام الفرد بتطبيق استراتيجيات تؤثر في إدارة انطباع غير فعال أهمها:
-الغطرسة: عرض التضخيم الذاتي، لا يتماشى جيدا مع الناس ويميل لترك انطباع سيئ، ومن خلال البحث، فإن الذين يقومون بمقارنات دونية، ووصف أنفسهم بأنهم الأفضل في شيء معين ما ينطوي تحت طرق معززة ذاتيا، وينعكس سلبا على الطرف المقابل الذي يشكك في مصداقيته ويلتقط السلبية منه ما يخلق عداوة وانطباعا غير مريح.
- التباهي بالتواضع:
هذا النوع من سوء إدارة الانطباع يكمن في المفاخرة المتنكرة كالشكوى والتواضع، وخاصة ما يكون عبر وسائل التواصل الاجتماعي. ومع انه ومن خلال الظهور المتواضع يمكن للشخص لفت الانبتاه لسماته الايجابية بطريقة غير مؤذية، ولكن هذا التكتيك في كثير من الأحيان ينقلب بطريقة عكسية، لانه يشكك في صحة التواضع ونيته ما يخلق إنطباعا سلبيا.
- النفاق والمجاملات المساندة:
المنافقون يطالبون بصورة معينة لأنفسهم، ولكنهم يفشلون في الارتقاء لمستواها، بطريقة أخرى هم يقولون ولا يفعلون، خاصة فيما يتعلق بالقضايا الأخلاقية، والنفاق ينجح إن كان سلوكهم متباينا، ما يبقي نياتهم خفية، ولكنه يظهر فجأة، ومن الصعب حينها الامتثال لمعايير الحقيقة، ويصبحون مكروهين بشكل أكبر خاصة الذين يدعون بأنهم أشخاص آخرون.
أما المجاملات المساندة، فهي إهانة متنكرة بطي مجاملة، وتكون عادة للإشارة للسطحية، مثال أن تقول لأحدهم، "لم أكن أتوقع أن تكون نتائجك جيدة في الامتحان، أمر رائع"، فهي تنبع من الرغبة في أن يكون قائلها محبوبا وان يملك مكانة اجتماعية، وهؤلاء الناس الذين يميلون للمجاملات يرون فيها أمر إيجابيا. ولكنها ترتد عكسيا وتفشل لأنها تظهر قلق الفرد إزاء تقدير الآخرين له، ويتصاعد شعوره بالتوتر. علما أنهم أكثر عرضىة لكسب احترام الآخرين حين لا يظهرون أي اهتمام في الطريقة التي يراهم الآخرون بها.