الجمعة , 11 حزيران , 2021 :: 10:07 ص
جبال البلقاء الاخباري: يداه الخشنتان تتحسسان حبات القمح المحصود حديثاً وبجانبه زوجته صيتة ممسكة بسنابل وتبتسم للحياة والغلال، غلال الموسم، بين صوت اليرغول وغناء لموسم جيد وأهازيج الفلاحين تصل الى أذنية. يشدو مع الفلاحين ويغني (منجلي يا مين جلاه راح للصايغ جلاه ) بعد أن لفحته شمس الحصيدة وهو الذي عشق الأرض والتربة الحمراء فحياته كلها مواسم. سرحت به الافكار بدأ صوت الغناء يخف، ساورته وساوس وعلا وجهه الأسى والانقباض. ماذا تخبىء لنا الأيام القادمة؟. نظر الى حفنة القمح ونظرة ثانية إلى قطعة الأرض ( المقثاة ) والتي زرعها بكل ما تشتهي النفس من حروش وبندورة وفقوس وبامية حمراء، ونظر بعيداً إلى الكرم الذي زرعه بحدقات العين زيتونا وتينا وكرمة؛ فالزيتونة التي تحمل اثمارها تيها وكبرياء وشجرات التين بكل انواعة من خضاري وزراقي وسوادي ودوالي تعانق الأرض الحمراء تعطي وتخبىء قطوفها بين جنبات اوراق الدوالي. مواسم الخير متلاحقة ولكن قلب ابو سويلم غير مستريح نبضاته متلاحقة وهناك دمعات في حدقات العين تأبى الخروج؛ فالحاضر جميل والماضي كان أجمل ولكن القادم اعظم، هذا ما احس به ابو سويلم قبل اربعين عاماً من وفاته؛ فبيادر القمح احتلتها شقق الأسمنت وصرنا نبحث عن مد او صاع من القمح البلدي وموسم قطاف الزيتون مال إلى المغيب فتلك الأيادي التي كانت تقطف أستبدلت بأياد وافدة. وتينة ابو سويلم لم تعد موجودة وهو الذي كان يستظل بفيها يسقيها ويشذب أطرافها... يرشها بالسماد البلدي لتطرح خيراً .. حتى تلك القعدة الجميلة ذهبت في غياهب الزمن. كم تناول الطعام تحت أفيائها ... هو وزوجته واولادة يناول زوجتة واولادة حبات التين المستوية المتشققة يقطف لها قطوف العنب المشقرة ولا ينسى الجيران. تعمل له ابريقا من الشاي الفرط الحلو مع حبات مدحبرة من اللبنة الممزوجة بزيت الزيتون البكر وأرغفة خبزتها ام سويلم بفرنها الطابوني يناولها حبات من العنب المستوي كأنه يغازلها وهي تضحك . ويأتي النسيم العليل ويداعب وجهه المعروق .. يسمع صوت حفيف الأشجار، كأنه التنهدات .. الأغصان تتمايل مع النسمات .. تشتد الرياح .. بدأت بعض ثمرات الزيتون تتساقط .. حبة أثر حبة، كأنها دمعات على حاضر قادم.الدستور
|