السبت , 15 شباط , 2020 :: 4:00 م
الحزن السياسي وغياب السعادة!!!! د.علي الصلاحين
جبال البلقاء الاخباري: قد يكون هذا العنوان اصطلاحا بعيدا بعض الشئ او ليس له وجود في المفهوم السياسي اذا أدركنا بأن 80 بالمئة من احزان الشعوب العربية مردّه الى مصنع السياسة والعاملين في ورشه. فحينما تكون الشعوب حكيمة تجد المسؤول عبيطا او مغفلاً او متخلفا او متهورا حتى وان لم يكن في نواياه بلوغ هدف اسمه ( المجد الشخصي )، وعندما يهدي الله شعبا ما من بين الشعوب المقصودة حاكما او مسؤولا حكيما قد تجد بعض الشعب غير حكيم وهي صفة عامة تشترك فيها معظم الشعوب بأعتبارها تكوينات من مجاميع بشرية مختلفة في الامزجة والافكار والثقافات ، وهو مايثير الجدل ، فهذه الشعوب تحاول احيانا التشويش على البرامج السياسية المرسومة من قبل الحكومات التي صنّفت على اساس كونها رشيدة . ويمكن ضمن هكذا وضع سياسي ان تثار الكثير من المشاكل، سيما ونحن لاننتظر العقلانية في السلوك الجمعي الشعبي (دور كايم) المبني على اسس من الانتماءات العرقية والدينية والمذهبية والطائفية التي تكلف الشعوب جيلا كاملا من الارواح المهدرة والمال والزمن والجهود اللامجدية ، ومنها مايتعلق ببعض الكاريزما التي لاتتوافق مع ما يقدم من اجلها من تضحيات او استثمارها للوصول الى اهداف غير مضمونة النتائج . ومن هنا كان الألم شقيقا للشعوب والحزن ملازما للبشرية ، خاصة بعد ظهور دولة المدنية وبروز الحاجة الى الكثير من المثل والمبادئ التي تصنع الفرح والسعادة للمجتمعات البشرية وليس تعيين وزراء لها.
ان الطفرة التي حصلت في النظم السياسية وتصنيفاتها منذ طرح نظريات ومبادئ شكل الدولة وغيرها من الفلسفات السياسية التي وردت في افكار سقراط وارسطو وافلاطون وجان جاك روسو وابن خلدون ، فشلت جميعها في توفير الفرح الدائم والسعادة المستمرة للفرد فبقي هذا عبدا للقوانين التي طوّعها الحاكم لصالحه وصولاً الى ديقراطية العصر الراهن . والملفت ان كل الحركات التي حكمت بأسم تلك الأفكار أوغلت في استعباد الفرد واستعباد الشعوب بدل تحريرها.وهذا ما يكرس الواقع الطبيعي للحزن عند معظم شعوب الارض وخاصة تلك التي وقعت تحت نير الاستعمار السياسي والاقتصادي والتي تسببت في سرقة ثروات الامم وكرامتها وحرياتها بدعاوى التحرير .
لقد اصبح الحزن رديفا للبشر في ظل كل تلك الانظمة السياسية ، لذلك هو حزن سياسي بأمتياز وهو مصدر كل الاحزان ، وهو غيرالحزن الذي ينتج عن الاضطهاد او السلوك المجتمعي في العلاقات العامة والاجتماعية الذي يعتبر حزناً شخصيا لايتعدّى صاحبه ولا يستمر طويلا ففي اكثر الانظمة تطورا نجد ان حالات الأكتئاب والانتحار تصل الى ذروة مخيفة بسبب رتابة الحياة ونمطيتها ، طبعاً في الوقت الذي لاتجد هناك اية حادثة انتحار في مجتمعنا العربي والاسلامي نتيجة التذمر وسأم الحياة او لنقل ندرتها من اجل ان نكون موضوعيين . في وقت يرى فيه هذا المواطن كيف تتبعثر ثروات بلده وخيراته في التسابق على شراء السلاح او محاولة انتاجه او الدخول في لعبة الحصول عليه كلها لتغطية وحماية وتبرير عمليات السرقة الاقتصادية والعلمية والصناعية والثقافية تحت غطاء سياسي واضح .
فأذا ما بحثت عن اي حزن في اي مكان من هذه المجتمعات ستجد أن للسياسة دورا هاما فيه ، نتيجة الاخطاء والجهل التي تقع فيه السلطة اثناء تنفيذها لسياساتها بكل اشكالها ، والتي تفتقر بالأساس الى العدالة بكافة اشكالها في منح الفرص المتساوية او المحاباة العشائرية والعرقية والطائفية التي اصبحت مكشوفة بوضوح خاصة في النصف الاسفل من الكرة الارضية مع بعض الاستثناءات وما يجري الان في منطقتنا دليل محزن في وجود الحزن السياسي الابدي الذي لايشفع له دين او مذهب او قومية ولا نظام للحكم .
الدكتور علي الصلاحين.
|