الثلاثاء , 22 أيار , 2018 :: 10:17 ص
" الخياطه الجميله..مهندسة الكمبيوتر " منور الدباس
جبال البلقاء الاخباري:أكمل متطلبات نجاحه في الجامعه وتخرج منها ، ودفعت به الى الحياه العمليه بعد الجامعه ، ووجد نفسه وأخته التي تكبره سنا راعيين لأسرتهم بعد أن توفي الاب والأم .ومنذ أن تخرج وهو يبحث عن عمل يقتات منه ، ويصرف على إخوته ، ويرسم مستقبل حياته ، من خلال هذه الوظيفه التي يبحث عنها .
تقدم بطلب لديوان الخدمه المدنيه ، وكذلك قدم طلبات للعمل في اكثر من شركه في القطاع الخاص ، وفي كل يوم يفتح الجريده ويقلب صفحاتها لعل عينه تقع على إعلان يطلب موظفا ضمن التخصص الذي حصله"ادارة الأعمال" ، لكن مضت ثلاث سنوات ولم يستطع صديقنا ان يحصل على تلك الوظيفه ، وبقي طيلة السنوات الثلاثه حبيس بيته يصرف على نفسه وإخوته الصغار من دخل أخته والتي امتهنت الخياطه وهي تحمل شهادة "هندسة كمبيوتر وبرمجيات " ،وقد عملت في إحدى الشركات بدخل ضعيف ولا يتناسب مع تخصصها ، وهي تتمتع بقدر عالي من الجمال وقوة الشخصيه .
كانت هذه الآنسه اثناء عملها تتعرض للتحرش من بعض الموظفين في الشركه ، ونتيجة لذلك قررت ترك العمل في الشركه والعوده لممارسة مهنة الخياطه بعد والدتها ، والتي كانت تمتهن الخياطه في حياتها من قبل حتى إنتقلت الى الرفيق الأعلى ، اصبحت تعمل في الليل والنهار وتقدم خدماتها في الخياطه الى زبائنها الذين إزداد عددهم وغدت لا تستطيع تنفيذ كل طلبات الزبائن .
وحتى تتغلب على هذه المشكله ولا تخسر بعضا من زبائنها ، أتت بخياطه تعمل معها وتمنحها الأجر على القطعه التي تنجزها ، وكذلك تساعدها في خدمة البيت ، كانت من دخلها تنفق على البيت وعلى أخيها الذي يجلس في البيت المستأجر وبدون عمل يستطيع من خلاله أن يصرف على نفسه ويدفع أجرة البيت ، ويفتح المجال لأخته للإرتباط والزواج قبل أن يفوتها القطار .
فكلما تقدم اليها أحد ترده ، رغم انهم اكفاء ومن عائلات معروفه ، كانت ترفض الزواج بسب انها تعيل إخوتها الصغار وأخيها الذي تخطى السنوات الصعبه وهو يبحث عن العمل في القطاع العام او الخاص ، لكن يبدو ان حصوله على وظيفه بات صعبا او شبه معدوم ، رغم ان كثيرا من اقرانه الذين تخرجوا معه يجلسون على مكاتب الوظائف التي حصلوا عليها بالوسطات في مؤسسات الدوله او في الشركات المساهمه الكبرى ، حيث لهم متنفذين قادرين على التوظيف وبكل سهوله ولا يستحي المتنفذ من البوح امام الخلق بأنه وظف العشرات من الذين يحملون شهادات ومن الذين يفتقدونها .
وفي يوم جميل مشرق تم الإتصال مع جيرانه حيث لا يملك في بيته تلفون كان يضع عنوانه رقم هاتف جيرانه الأرضي ، وكانت المكالمه من إحدى الشركات التي تقدم لديها بطلب عمل ، وفي صباح يوم مشرق آخر ذهب لمقابلة المسؤولين في الشركه ، وحين ادخله المراسل الى مكتب المدير العام وشاهد المدير العام يخرج من خلف مكتبه ليستقبله كانت الصدفه حيث تفاجأ الشاب وأحس بدوخه خفيفه ، لكن سعادة المدير امسك بيده وأخذ يطبطب على كتفه مرددا "إسم الله عليك "ثم اجلسه على كرسي ملاصق لمكتبه .
كان الشاب ينظر الى موطىء قدمه ويستحي أن ينظر الى وجه ذلك المدير العام بسبب الموقف المحرج والمفاجأ ، حيث سبق وان تقدم ليخطب أخته المهندسه الخياطه المثقفه المتعلمه ، وقد رفض طلبه ، قال له المدير وبكل تواضع :انت تبحث عن عمل وهل لديك خبره سابقه ؟ فأجابه ومن أين احصل على خبره ولي خمس سنوات جالس في البيت بدون عمل ، تصرف علي أختي المسكينه وهي تمتهن الخياطه وتحمل شهادة هندسه ، وتصرف كذلك على إخوتي وتدفع إيجار البيت ، وبعد ان طلب له قهوه وشربها ، اتصل مع مدير شؤون الموظفين في الشركه وطلب منه الحضور على عجل الى مكتبه حضر ومثل امامه ثم قال له المدير : يعتبر هذا الشخص معين في ادارة الشركه اعتبارا من اليوم ووظيفته مساعدا لشؤون الموظفين ويطبق عليه الكادر المعتمد في الشركه ، هذا وطلب منه ان يهتم به ويدربه على كل ما يتعلق بقسمه ، وهو يحمل شهاده جامعيه "إدارة الأعمال " .
لكن مدير الموظفين بدا على وجهه الشحوب ولم يكن فرحا بما كلفه به المدير العام حيث انه شخصيا لا يحمل شهاده جامعيه ، وقد انتابه الوجل والشك بانه سوف يحل محله في مركز وظيفته ، لكن الشاب اصبح يبدي نوعا من الإبداع في العمل ويقدم الإقتراحات لتطوير الأعمال الإداريه في الشركه ، واعجب بعمله المدير العام وسرعة استيعابه لكل ما يتعلق بادارة شؤون الموظفين . بدأ الكره يتسرب ويغزوا قلب مدير شؤون الموظفين ، الذي احس أن موقعه بات في خطر وسوف يفقده ويحل محله المساعد ، فما كان منه وبعد اقل من سنه ان يكيد به لدى المدير العام ، وينزل من قدراته في الوظيفه ، ويحيك له الدسائس ، وينشر عنه الأكاذيب بين موظفي الشركه ، لكن الشاب الذي عين مساعدا له كان متعاونا ومطيعا لرأيسه ويكن له كل الإحترام ، ويتقبل كل أوامره وتعليماته بكل صدر رحب. وبعد اكماله السنه في العمل في الشركه ، ومن الإحتكاك بالمدير العام ، لم يفتح المدير العام معه موضوع التقدم لخطبة أخته ، حيث سبق ورفضته من قبل ، والتي يعرف عنها من خلال مسموعاته عنها من اخته ووالدته حيث كانت تخيط لهن الملابس ، ويحدثنه عنها وعن تضحياتها وكفاحها في الحياه ، وهي على درجه عاليه جدا من الجمال وقوة الشخصيه ومن عيله محافظه .
لكن الشاب فاجأ المدير العام بتقديم استقالته من الشركه وذلك بسبب الضغوطات القويه التي يمارسها عليه مديره ، استدعاه المدير العام الى مكتبه وهو في حالة غضب شديد ، حيث طلب منه ابداء الأسباب فشرح له الوضع بكل صدق وصراحه وأمانه ، ثم رد عليه انا اعرف كل شيء اطمئن ، وقال له مذكرا أنت تعلم بأنه سيقام غدا حفلا في الشركه بمناسبة إرساء مشروع على الشركه بقيمة عشرين مليون دينار ، سيحضره كل موظفي الشركه ، ومن خلاله سوف افجر مفاجأه امام كل الحاضرين ، وعليك ان تكون في مقدمة الحاضرين .
وفعلا واثناء تقديمه الشكر لكل من ساهم في ارساء المشروع على الشركه ، بعدها فجر مفاجأته بأنه قرر نقل مدير الموظفين الى المستودعات وترقية الشاب المساعد الى مدير شؤون موظفين ، وكان من شدة غضب وتاثر المدير المنقول بأنه انسحب من الإحتفال ، رغم تطمين المدير العام له في قوله ستبقى في هذه الشركه ما دامت هذه الشركه قائمه إن شاء الله تعالى ، صفق كل الحاضرين وبكل حراره لهذا القرار، وبارك الحضور للمدير الجديد بالترفيع ، والذي ضرب مثلا عاليا في الإخلاص والتفاني في العمل وحسن التعامل مع زملائه في الشركه ، واخذ على عاتقه بالعمل على تطوير النظام الإداري في الشركه ،ليصب في مصلحة الموظفين فيها ، رغم الكلفه الماليه التي ستتحمله خزينة الشركه ، لكن ذلك سوف ينعكس حتما على انتاجية الموظفين في الشركه الأمر الذي سيزيد من ارباحها .
لكن الشياطين لعبت بمن خسر موقعه وسكنت في صدره ، ولم يقصر بالوشايه بمن حل محله ، حيث اخذ ينشر عنه اخبارا كاذبه الا انه فشل فشلا ذريعا ولم يغلح في التأثير على هذا المدير الشاب لا من قريب او من بعيد والذي حباه الله تعالى الصبر وسعة الصدر . وبعد ثلاث سنوات من الخدمه دعاه المدير العام ليجتمع معه في مكتبه وقال له : هل انت مرتاح في عملك ؟ وهل الراتب الذي تحصل عليه يكفيك وإخوتك ؟ قال له وهو يبتسم "الحمد لله هذامن فضل الله ثم من خيرك يابيك " يكفيني وأدخر منه وبعد شهرين سأشتري سياره إن شاء الله تعالى ، فرد عليه مديره : إذن يا زميلي آن الأوان بأن نصبح أنسباء بعد أن كنا زملاء قال له الشاب ماذا تعني ؟ قال: اتسمح لي ان نزوركم في هذا المساء لأتشرف بخطبة اختك المهندسه الخياطه ؟فرد عليه : سوف انقل رغبتك الى اختي وارد عليك غدا إن شاء الله تعالى .
وفعلا تحدث مع أخته في الموضوع وأعطت موافقتها على ذلك ، وفي صباح اليوم التالي وأثناء الدوام في الشركه دخل مكتب المدير العام ونقل اليه الموافقه قائلا له نتشرف بزيارتكم لبيتنا انت ومن تحب في المساء وسيجاب طلبكم إن شاء الله تعالى . وفي المساء حل المدير العام صاحب الشركه ضيفا على بيت مدير الموظفين يرافقه اهله ، وتم الإستجابه للطلب والإتفاق على موعد الخطوبه والزواج .
تمت الخطوبه وجاء موعد الزواج وأثناء حفلة الزواج همس العريس بأذن عروسته وقال لها: سوف أشتري منك ماكينة الخياطه وإبرتها بثمن لا تستطيعين رفضه ، حيث سلمها مستندا سجل باسمها قطعة ارض يقدر ثمنها بنصف مليون دينار .
قبلت الزوجه الهديه وشكرته كثيرا وقد بدى على خديها دمعتان دمعة حين تذكرت والديها ، ودمعه أخرى على وداع مهنة الخياطه ، هذا وقدر الله تعالى أن هجرت المهندسه مهنة الخياطه الشريفه ، وبعد زمن ليس بعيدا فتح زوجها للشركه فرع جديدا وسجل للفرع وكالات اجهزة كمبيوتر وبرامج وأوكل اليها مهمة ادارة الفرع ، حيث اصبحت تمارس تخصصها الحقيقي بعد أن كانت تتعامل مع الأقمشه وكلف الخياطه وإبرها .
منور أحمد الدباس dabbasmnwer@yahoo.com
|