الإثنين , 31 كانون الأول , 2018 :: 11:05 ص
أصحاب الصراط السوي ومن اهتدى..د .هاني خليل عابد
جبال البلقاء الاخباري:
أولاً العنوان ودلالته
اخترت هذا العنوان من كتاب الله عزوجل فيآخر سورة طه :" قُلْ كُلٌّ مُتَرَبِّصٌ فَتَرَبَّصُوا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ أَصْحَابُ الصِّرَاطِ السَّوِيِّ وَمَنِ اهْتَدَى (طه:135) ، حيث جاءت الآية في مجال تقديم حجج الحق من خلال إعمال العقل ،والبحث عن الصراط المستقيم الموصل لطريق الهداية ،وليست المسألة هنا أن الحق ما نراه ،وما نعيشه ، بل طريق الحق يحتاج للبحث عنه ،وسلوكه ،وعدم القعود عنه للانتقال من الظلمات إلى النور ،ولا أتكلم بهذا من باب التمسك بالحق ،المفضي لشيطنة الآخرين ،بل من باب المتمسك بالحق ،المفضي لهداية الآخرين ،والحريص على الخير للإنسانية ،والمقتدي برسول الرحمة العالمية سيدنا محمد صلوات الله عليه ،والذي بشر به عيسى عليه السلام مثلما جاء في قوله تعالى : وإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ(الصف:6) فأصحاب الصراط السوي والهداية ، يحبون الخير للبشر ، فقد تعلموا من رسولهم الرحمة ،وكانوا من أهل الرحمة الذين يرحمهم الله ،ففي الحديث الذي يحمل تفاصيل يوم القيامة ، يقول الله عز وجل: شفعت الملائكة، وشفع النبيون، وشفع المؤمنون، ولم يبق إلا أرحم الراحمين، فيقبض قبضة من النار، فيخرج منها قوما لم يعملوا خيراً قط(رواه مسلم)
ثانياً : السبيل لمعرفة أصحاب الصراط السوي
التشبه بالكرام فلاح ،ويستطيع المرء معرفة ذلك ،من خلال مطالعة أخبار المتقين وصفاتهم ،في كتاب الله عزوجل ،حيث تشتمل سوره على صفات الأخيار أهل الهدى واليقين ،وكذلك في أحاديث المصطفى صلوات الله عليه ،وما اشتملت عليه من بيان شعب الإيمان ،وكذلك من خلال قراءة المصادر المهمة في تاريخ حضارتنا ،والتي امتلأت صفحاتها بأخبار القوم الصالحين فكان منهم المفسرون والمحدثون والفقهاء ،والصالحون من أهل الزهد والورع ، قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ لِجُلَسَائِهِ: تَمَنَّوْا. فَتَمَنَّوْا. فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ لَكِنِّي أَتَمَنَّى بَيْتًا مُمْتَلِئًا رِجَالا مِثْلَ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ(الطبقات الكبرى لابن سعد ) والكل يعرف بأن النبي صلوات الله عليه نعت أبا عبيدة بأمين هذه الأمة ، ويشاء الله عزوجل أن يكرمه بالشهادة بطاعون عمواس ،وضريحه في غور الأردن ، وما زالت الأجيال الصالحة تمر على الأردن أذكر منهم من التابعين رجاء بن حَيْوَة الكِنْدِيُّ، تُوفِّي سنة 112هـ نزيل الأردن ومستشار الخلفاء في عهد الدولة الأموية عَنْ رَجَاءِ بْنِ حَيْوَةَ قَالَ: يُقَالُ: «مَا أَحْسَنَ الْإِسْلَامَ وَيَزِينُهُ الْإِيمَانُ، وَمَا أَحْسَنَ الْإِيمَانَ وَيَزِينُهُ التَّقْوَى، وَمَا أَحْسَنَ التَّقْوَى وَيَزِينُهَا الْعِلْمُ، وَمَا أَحْسَنَ الْعِلْمُ وَيزِينُهُ الْحِلْمُ، وَمَا أَحْسَنَ الْحِلْمَ وَيزِينُهُ الرِّفْقُ» [ص:507](جامع بيان العلم وفضله لابن عبد البر )
ثالثاً : الأولوية للبحث عن الخير عند الناس لا لشيطنتهم
أصحاب الصراط السوي يعيشون بالخير وللخير ،ويبحثون عن عوامل الخير عند الآخرين ليستخرجوها ،ويفعلوها ،ولا يعملون بخلاف ذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: " إذا قال الرجل: هلك الناس فهو أهلكهم "(رواه مسلم) عنى هذا الكلام أن لا يزال الرجل يعيب الناس ويذكر مساويهم ويقول قد فسد الناس وهلكوا ونحو ذلك من الكلام يقول صلى الله عليه وسلم إذا فعل الرجل ذلك فهو أهلكهم وأسوأهم حالاً مما يلحقه من الإثم في عيبهم والازراء بهم والوقيعة فيهم، وربما أداه ذلك إلى العجب بنفسه فيرى أن له فضلاً عليهم وأنه خير منهم فيهلك.(معالم السنن للخطابي)
|