جبال البلقاء الاخباري:
حول الموضوع
تم اختيار هذا الموضوع من دلائل وأنوار وبركات قوله سبحانه وتعالى صراط الذين أنعمت عليهم (الفاتحة : 7) ، إذ نلحظ بأنّ فعل الإنعام ، جاء مطلقاً ؛ لانّ نعم الله سبحانه وتعالى لا تعد ولا تحصى ، ولو سألنا أنفسنا سؤالاً ما أعظم تلك النعم علينا ، فلعل في تتمة الآية نجد بغيتنا ، وهو في قوله سبحانه وتعالى غير المغضوب عليهم ولا الضالين ، فالمقابل للغضب الرضا ، و مقابل الضلال الهدى، فيفهم من ذلك أنّ من أعظم نعم الله سبحانه وتعالى على الإنسان ، أن يوفقه الحقّ تبارك وتعالى إلى نيل الرضا واتباع طريق الهدى.
في مجال النعمة الأولى :التوفيق لنيل رضا الله
يكون رضا الله في فعل ما أمر ، وترك ما نهى عنه ، ومن خلال التنافس في طاعة الله وفعل الخيرات ، ومن شواهد ذلك ما جاء في الحديث بما يوضّح حرص النبي صلوات الله عليه على أن تهتم أمته بثقافة السعي نحو مرضاة الله ، ونجده عليه الصلاة والسلام يسأل أصحابه «من أصبح منكم اليوم صائما؟» قال أبو بكر: أنا، قال: «فمن تبع منكم اليوم جنازة؟» قال أبو بكر: أنا، قال: «فمن أطعم منكم اليوم مسكينا» قال أبو بكر: أنا، قال: «فمن عاد منكم اليوم مريضا» قال أبو بكر: أنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما اجتمعن في امرئ إلا دخل الجنة»( رواه مسلم)
النعمة الثانية إتباع طريق الهدى
إتباع طريق الهدى بأن نعبد الله على فقه ،ونتعامل مع خلقه بفقه ، قال عليه الصلاة والسلام : من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين ( رواه البخاري ومسلم) وعرّف الإمام أبو حنيفه الفقه : بأنّه معرفه النفس مالها وما عليها ، ومن ذلكم على سبيل المثال أنّ البعض يرى بأنّ العارية إذا تلفت لا عوض لها ، فيستعير من النّاس ولا يرد إليهم المستعار ، وإذا ردّه يكون في بعض الحالات قد الحق الأذى بالمستعار ، ظناً منه أنّه لا يتحمل الضمان بل يرى أنّ المطالبة بالضمان حرام ، وللأسف ذلك مما ذهب مثلاً ما يقوله بعض العوام العوض حرام ، حتى أنّه لا يكلف نفسه أن يعتذر عمّا أساء مع أنّ كتب الفقه تنصّ على أنّ العاريّة مضمونه على المستعير بقيمتها يوم تلفها (متن أبي شجاع ) ، إتباع الهدى لا يقتصر على أداء العبادات بشكل نقنع النفس فيه بأننا أدينا ما علينا ،ولكنه يكون بمعرفة الحقوق ، وعدم التصرف بعبثية لا تحترم حقوق الغير ولا ملكيته ، بل تعتمد الضم والقضم التي يحاول أعداء الأمّة من خلالها الاستيلاء على أجزاء من أراضي أمة الإسلام ،وقضمها بتشجيع استعماري بغيض .
نعم نعمة الحرص على نيل الرضا الرباني بنعمة اتباع الهدى ، نعمتان تتعلق بهما حياة الأمم ، ونهضتها ، وتحقيق كرامتها وصيانة حياة مجتمعاتها من العبثية والأذى فمن المقرر شرعاً أنه لا ضرر ولا ضرار ، والضرر يزال .