جبال البلقاء الاخباري: الحمد لله الذي مَنّ علينا بطلعة خير الأنام، سيدنا محمد صلوات الله وسلامه عليه ،قمر الهداية ،وكوكب العناية الربانية ، مَن خصّه القريب المجيب بخصائص ربانية ،فجعله رسول الرحمة للإنسانية ، فكان ربيع خير على البشرية ولسان الحال منه يقول
فوجهي والزمان وشهر وضعي ربيع في ربيع في ربيع
يقول الحق تبارك وتعالى في نبأ هذا الرسول العظيم : {وَمَآ أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ} [الأنبياء: 107] ولنتأمل إخواني في صحيح البخاري و ما جاء في صفات هذا النبي العظيم ، الذي كانت بعثته خاتمة الرسالات ،فجاء الختم في غاية الجمال والكمال سيدنا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم ،صلوات الله عليه ، ، جاء هذا الرسول بكل ما تحتاجه البشرية ،بل بكل ما كانت الأرواح والمجتمعات متعطشة إليه ،لما في شريعته من إحياء للكرامة الإنسانية ، ليعرف الإنسان قدره فلا تسحقه الماديات ، روى البخاري عن عطاء بن يسار، قال: لقيت عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، قلت: أخبرني عن صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم في التوراة؟ قال: " أجل، والله إنه لموصوف في التوراة ببعض صفته في القرآن: {يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا} [الأحزاب: 45] ، وحرزا للأميين، أنت عبدي ورسولي، سميتك المتوكل ليس بفظ ولا غليظ، ولا سخاب في الأسواق، ولا يدفع بالسيئة السيئة، ولكن يعفو ويغفر، ولن يقبضه الله حتى يقيم به الملة العوجاء، بأن يقولوا: لا إله إلا الله، ويفتح بها أعينا عميا، وآذانا صما، وقلوبا غلفا " ومن اللافت أن البخاري أورد هذا الحديث تحت عنوان كراهية السخب في السوق ،وهو الصخب وجاء في معناه رفع الصوت بالخصام ، أن الحبيب المصطفى يعلمنا بسيرته وصفاته أن أسواق المسلمين يجب أن تكون حضارية ،خالية من الخصام ، ولعله لا يخفى علينا أن أسباب الخصومات في الأسواق مرجعه إلى وجود اعتداءات من غش ، وتدليس ، وعدم التزامات بمواعيد القبض والدفع ، وعدم التقيد بإجراء العقود المالية وفق الضوابط الشرعية ، والوقوع في جهالة وغرر في الثمن ، أو في وقت التسليم ، أو بسبب إخفاء عيب في سلعة ، وذلك كمن يخفي عيباً في محرك سيارة بحاجة لفك وإصلاح ،ويبيعه بعد وضع مواد تخفي عيبه فلا يظهر إلا بعد شهر أو شهرين ، مما يؤدي لوقوع النزاعات ، وانتشار الكراهية بين الناس .
إننا بحاجة إلى أن نعيش الحياة وكأن رسول الله معنا ، هذا الشعور المحرك للحب ،والإيمان والعمل الصالح هذا الاستشعار الذي عبّر عنه ابن رواحة شهيد مؤتة في الأردن بقوله
وفينا رسول الله يتلو كتابه ... إذا انشق معروف من الفجر ساطع
أرانا الهدى بعد العمى فقلوبنا ... به موقنات أن ما قال واقع
لكن هذا الاستشعار يحتاج للعمل العلمي لخدمة الإسلام بإيجاد النماذج الصالحة ، التي تعرض تطبيق الإسلام بالحكمة كما هي روحه المتناسقة مع الفطرة الإنسانية ،والقيم الحضارية .