(الارتفاق في الطريق إنما يجوز بشرط سلامة العاقبة)...د هاني خليل عابد | واحة الايمان

واحة الايمان

الخميس , 30 أيلول , 2021 :: 12:13 م

(الارتفاق في الطريق إنما يجوز بشرط سلامة العاقبة)...د هاني خليل عابد

جبال البلقاء الاخباري: من الدرر الشرعية المقررة فقها (الارتفاق في الطريق إنما يجوز بشرط سلامة العاقبة) ( روضة الطالبين للنووي 10/197)

عندما نعي هذا الضابط الفقهي فإننا نبتعد عن كل التصرفات التي تعيق السير ، وتضر بالطريق وبالناس وبالممتلكات ، وهذا الضابط والمعيار يؤكد على منع كل الاعتداءات بكافة أشكالها على الطرق العامة ، وهذا المعيار مستمد من الحديث النبوي الشريف ، فعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِيَّاكُمْ وَالجُلُوسَ بِالطُّرُقَاتِ» فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا لَنَا مِنْ مَجَالِسِنَا بُدٌّ نَتَحَدَّثُ فِيهَا، فَقَالَ: «إِذْ أَبَيْتُمْ إِلَّا المَجْلِسَ، فَأَعْطُوا الطَّرِيقَ حَقَّهُ» قَالُوا: وَمَا حَقُّ الطَّرِيقِ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «غَضُّ البَصَرِ، وَكَفُّ الأَذَى، وَرَدُّ السَّلاَمِ، وَالأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ، وَالنَّهْيُ عَنِ المُنْكَرِ» ( رواه البخاري)

ما أعظم هذا الدين الذي ينهى عن الضرر ، بل يدعو لإزالته عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ - أَوْ بِضْعٌ وَسِتُّونَ - شُعْبَةً، فَأَفْضَلُهَا قَوْلُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الْأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ، وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الْإِيمَانِ» ( رواه مسلم) قال النووي :" أَيْ تَنْحِيَتُهُ وَإِبْعَادُهُ وَالْمُرَادُ بِالْأَذَى كُلُّ مَا يُؤْذِي مِنْ حَجَرٍ أَوْ مَدَرٍ أَوْ شَوْكٍ أَوْ غَيْرِهِ"( شرح النووي على مسلم )

وفي فضل رفع الأذى يقَولَ صلوات الله عليه : «بَيْنَمَا رَجُلٌ يَمْشِي بِطَرِيقٍ، وَجَدَ غُصْنَ شَوْكٍ عَلَى الطَّرِيقِ، فَأَخَذَهُ، فَشَكَرَ اللَّهُ لَهُ، فَغَفَرَ لَهُ» ( رواه البخاري) وجاء في بعض الأحاديث قوله صلوات الله عليه :" وَتُمِيطُ الْأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ صَدَقَةٌ»( رواه مسلم ) ، لأنّ إماطة الأذى عن الطريق نتيجتها تحقيق السلامة للناس فكأنه قد تصدق عليهم بالسلامة.

وقد ذكر الفقهاء صوراً من التصرفات في زمانهم ، استنكروها وبينوا أن مثل هذه التصرفات من المنكرات ، لما تسبب من إلحاق الأذى بالناس ، ورتبوا على ذك ضرورة منع المعتدي على الطريق ، وكف ما تسبب به من الأذى ، بل تغريمه إن ترتب على فعله ضرر ، ومن ذلك قول ابن نجيم الحنفي :" حَتَّى لَوْ جَمَعَ الْكُنَاسَةَ فِي الطَّرِيقِ فَعَطِبَ بِهَا إنْسَانٌ ضَمِنَ لِوُجُودِ التَّعَدِّي بِشُغْلِهِ " وذكر الغزالي في الإحياء بأن " ترك مياه المطر والأوحال والثلوج في الطرق من غير كسح فذلك منكر" ونبه أيضاً إلى أن :" من كان له كلب عقور على باب داره يؤذي الناس فيجب منعه منه".

نخلص بعد كل ذلك إلى ضرورة منع كل ما يقلق راحة الناس في طرقهم وبيوتهم ، مما يقتضي التثقيف في هذا المجال ، والتنبيه على منع كل تصرف يعطل الطرق ويشوه مناظرها مثل رمي ( الأنقاض العشوائي ) حتى العمل في الأحياء ينبغي أن يحدد بساعات ، وليس كما يفعل البعض من العمل ليلا ، وسط الأحياء والبيوت بما يؤدي إلى عدم راحة الناس ، وعدم طمأنينتهم والإخلال بالسلم المجتمعي .

التعليقات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا نتحمل أي مسؤولية قانونية حيال ذلك، ويتحمل كاتبها مسؤولية النشر.

تعليقات القراء

لايوجد تعليقات

أضف تعليقا

الحقول المسبوقة بعلامة (*) هي حقول إجبارية.
* الإسم :	أدخل إسم المرسل
البريد الإلكتروني :
* نص التعليق :	أدخل التعليق

	أرسل