جبال البلقاء الاخباري: من الظواهر الاجتماعية التي أصبحنا نسمعها ، ويشتد ّالبعض جهداً في توجيه الرأي العام نحوها ، تلك المسائل الفرعية التي لا تسمن ولا تغني من جوع ، وإنّما يقف خلفها محاولات متطرفة للتصفيات الفكرية ، والعمل على تفكيك المجتمع ، وضرب ثقة الناس ببعضهم البعض .
والعذر عند هؤلاء أقبح من ذنب ، بأنّ الناس تحب الموضوعات التي فيها إثارة ، وشغب ، وتحظى بإقبال كبير ، دون نظر عن الاثار التي تسببها هذه الأمور من سلبيات تقدم ذكرها .
وليس هكذا تورد الإبل ، ففي سنة رسول الله صلوات الله عليه سلاسل من الغذاء الشرعي للعقول ، وتهذيب النفوس ، وتفعيل طاقات أبناء المجتمع من الشباب والفتيات ، والجيل الصاعد نحو الإيجابية ، بدلاً من الانشغال بردة الفعل على قضايا لم يتصورها الناس التصور العلمي ، ومن الأمثلة التي تستدعي الأهمية ، الوقوف على اهتمام النبي صلوات الله عليه ببناء الشباب، وغرس قيم الرحمة ، والاقبال على العلم ، والحرص على الطاعات فيهم .
ومن منن الله تعالى على أنني جمعت عدداً من الأجزاء الحديثية ، في موضوعات متعددة ، نشرتها قبل ما يزيد عن عشر سنين في صحيفة الرأي ، وفي المواقع الالكترونية ، حول البناء النبوي الذي رعى الإنسان ، والممتلكات ، في موضوعات تهم الرجال والنساء ، وفي قضايا الطفل ، والمحافظة على المقدسات ، والمحافظة على البيئة ، والان كتبت هذا المقال بين يدي موضوع جديد ، حول رعاية النبي صلوات الله عليه للشباب والله الموفق .
ومن أمثلة ذلك ما ذكره أحد شباب الصحابة واسمه مالك بن الحويرث قال: أتينا النبي صلى الله عليه وسلم، ونحن شببة متقاربون، فأقمنا عنده عشرين ليلة، فظن أنا اشتقنا أهلنا، وسألنا عمن تركنا في أهلنا، فأخبرناه، وكان رفيقا رحيما، فقال: «ارجعوا إلى أهليكم، فعلموهم ومروهم، وصلوا كما رأيتموني أصلي، وإذا حضرت الصلاة، فليؤذن لكم أحدكم، ثم ليؤمكم أكبركم " ( رواه البخاري)
وكان صلوات الله عليه يثني على أخلاق الشباب ، وخاطبهم بإيجابية صنعت منهم أبطالاً ، نقرأ في سيرهم سير البطولة ، والفتح ، والنصر ، فَعنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، قَالَ: اسْتَعْمَلَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ، عَلَى الشَّامِ، وَعَزَلَ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ، قَالَ: فَقَالَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ: بُعِثَ عَلَيْكُمْ أَمِينُ هَذِهِ الْامَّةِ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «أَمِينُ هَذِهِ الْأُمَّةِ أَبُو عُبَيْدةَ بْنُ الْجَرَّاحِ» قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «خَالِدٌ سَيْفٌ مِنْ سُيُوفِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَنِعْمَ فَتَى الْعَشِيرَةِ»( رواه أحمد) . والأحاديث النبوية في هذا المجال كثيرة ، تستدعي العلم والعمل بها .