الارتفاق في الطريق إنما يجوز بشرط سلامة العاقبة ..د. هاني خليل عابد | واحة الايمان

واحة الايمان

الإثنين , 29 آب , 2022 :: 10:18 ص

الارتفاق في الطريق إنما يجوز بشرط سلامة العاقبة ..د. هاني خليل عابد

جبال البلقاء الاخباري : من روائع الإمام النووي رحمه الله تعالى المتوفى (676) هجري ، تقريب المقاصد الشرعية للناس بطريق واضح ، مختصر ، يوجه الناس للعمل الصالح ، والأفعال والعادات النافعة ، ويحذرهم من كل ما يلحق الأذى بمجتمعاتهم ، وهذه نظرة متقدمة من عالم مرجعي فيما يكتب ويؤلف كيف لا وهو القائل في فروض الكفاية :" منها: ما يتعلق بمصالح المعايش وانتظام أمور الناس، كدفع الضرر عن المسلمين، وإزالة فاقتهم، كستر العورة، وإطعام الجائعين، وإغاثة المستغيثين في النائبات، فكل ذلك فرض كفاية في حق أصحاب الثروة والقدرة إذا لم تف الصدقات الواجبة بسد حاجاتهم ( روضة الطالبين للنووي 10/221)

ومما نبه عليه النووي رحمه الله بأن الانتفاع بالطريق شرطه سلامة العاقبة ، هذا ما نص عليه في روضة الطالبين ، وكذلك في (شرحه على صحيح مسلم 14/142) حذر من التصرفات المؤذية على الطرق فقال :" ويدخل في الأذى أن يضيق الطريق على المارين ، أو يمتنع النساء ونحوهن من الخروج في أشغالهن بسبب قعود القاعدين في الطريق، أو يجلس بقرب باب دار إنسان يتأذى بذلك ، أو حيث يكشف من أحوال الناس الناس شيئا يكرهونه" والنووي في كل ذلك يستقي من الحديث النبوي الشريف الذي قال فيه صلوات الله عليه " «إياكم والجلوس على الطرقات» ، فقالوا: ما لنا بد، إنما هي مجالسنا نتحدث فيها، قال: «فإذا أبيتم إلا المجالس، فأعطوا الطريق حقها» ، قالوا: وما حق الطريق؟ قال: «غض البصر، وكف الأذى، ورد السلام، وأمر بالمعروف، ونهي عن المنكر» ( رواه البخاري ومسلم)

بعد كل هذا فإننا نحتاج إلى هذه الثقافة التي هي متأصلة في ديننا ، وهي حب الخير للناس ، وكف الأذى عنهم ، وعدم الحاق الضرر بهم وبممتلكاتهم ، ولكن للأسف هناك من يبغونها عوجاً ، فيعبرون عن أفراحهم في مناسباتهم بما يلحق الأذى بالناس وطرقهم ، وينتج عنه إزهاق الأرواح ، وإتلاف الممتلكات .

وكذلك نجد الغزالي رحمه الله يحذر من منكرات الطرق ، منها :" وكذلك ذبح القصاب إذا كان يذبح في الطريق حذاء باب الحانوت ويلوث الطريق بالدم فإنه منكر يمنع منه بل حقه أن يتخذ في دكانه مذبحا فإن في ذلك تضييقا بالطريق ، وإضرارا بالناس بسبب ترشيش النجاسة ، وبسبب استقذار الطباع للقاذورات وكذلك طرح القمامة على الطرق وتبديد قشور البطيخ أو رش الماء بحيث يخشى منه التزلق والتعثر كل ذلك من المنكرات"( إحياء علوم الدين للغزالي 2/339)

وبعد كل ذلك فهل يفكر أصحاب السرعات العالية ، والضجيج العالي ، فهل فكروا هل يسمح لهم الشرع بانتفاعهم ، كلا بل هو من الأذى ، ومن المنكرات ، لأنهم لم يراعوا شروط السلامة ، ولم يفكروا في عواقب ومصائب ما يفعلون ، بل إنهم لم يعتبروا من مصائب غيرهم التي تحدث كل يوم بسبب الاستهانة بالحياة وترك المسؤولية ، وحب العبثية ، فلنتفكر في التحقق من 1 حدود الانتفاع بالطرق 2 الأخذ بأسباب السلامة 3 التفكر في عواقب الاستهانة بالأخذ بالأسباب ، قال صلوات الله عليه لمن أراد أن يترك ناقته بدون رباط عندما نزل عنها «اعقلها وتوكل» ( رواه الترمذي ) .

التعليقات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا نتحمل أي مسؤولية قانونية حيال ذلك، ويتحمل كاتبها مسؤولية النشر.

تعليقات القراء

لايوجد تعليقات

أضف تعليقا

الحقول المسبوقة بعلامة (*) هي حقول إجبارية.
* الإسم :	أدخل إسم المرسل
البريد الإلكتروني :
* نص التعليق :	أدخل التعليق

	أرسل