Skip Navigation Links
الرئيسية
من نحن
اتصل بنا
ارسل خبر
                 الجمعة , 19 نيسان 2024 م
Skip Navigation Links
اخبار البلقاء
نبض الوطن
برلمانيات
رجال الوطن
اخبار المجتمع
عربي دولي
اخبار الرياضة
منوعات وفنون
واحة الايمان
واحة الايمان
الخميس , 22 آذار , 2018 :: 10:30 ص
«أخرجوهم من قريتكم إنهم أناس يتطهرون»... بسام ناصر

جبال البلقاء الاخباري: حينما تشتد المواجهة بين المصلحين والفاسدين المفسدين، فإن الآخرين لا يجدون ما يتهمون به الأولين إلا طهارتهم ونظافة أيديهم، وحرصهم على مكارم الأخلاق وفضائل الأعمال، هذا ما حكاه القرآن عن قوم لوط عليه السلام حينما أنكر عليهم فعلتهم الشنيعة، فما كان منهم إلا رفعوا أصواتهم مطالبين بإخراجهم من بينهم بحجة «إنهم أناس يتطهرون». 

وهل الطهارة عيب يعير بها المتطهر حتى تكون حجة يحتجون بها في هذا المقام؟ إن قولهم هذا يشير إلى أنهم أوغلوا في ارتكاب الفواحش، وباتوا يفتخرون بفعلها، وأصبح عيشهم في هذه المستنقعات أمرا مألوفا، وباتت الطهارة أمرا مستنكرا في أعرافهم، هكذا تنقلب الموازين، وتتبدل المعايير، ويصبح المنكر معروفا، والمعروف منكرا، حينما تنتكس فطرة الإنسان، ويتمادى في غيه وضلاله.

لم يطق نبي الله لوط عليه السلام بعد دعوة قومه إلى التوحيد وعبادة الله سبحانه، رؤيتهم وهم يمارسون تلك الفاحشة العظيمة التي استنكرها عليهم، واستبشع فعلهم لها، فخاطبهم بقوله: «.. أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ. إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ» (الأعراف: 80 ـ 81)؟ وهكذا حال أتباع الرسل فإنهم يدعون إلى الله، ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، فهذه وظيفة الرسل وأتباعهم. 

وحينما نستحضر أن القرآن الكريم إنما ضرب الأمثال «وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ»، وقصَّ القصص «لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ» ليقرأ الناس واقعهم الذي يعيشونه على ضوء تلك الأمثال والقصص، ما يعني أن تلك الواقعة ـ وغيرها ـ مع اختلاف زمانها وشخوصها وطبيعة فعلها قابلة للتكرار مرة أخرى، بل ربما مرات في قادم الأيام. 

إن أكثر ما يضايق المفسدين ويقض مضاجعهم وجود المصلحين الذين يكشفون حالهم، ويحاربون فسادهم، ما يعني تجريدهم مما هم فيه، وتنغيص تمتعهم بشهواتهم وملذاتهم التي يغرقون فيها، ما يستفزهم ويدفعهم لمحاربة أولئك المصلحين بشتى الطرق الممكنة والمقدور عليها، فإن كانوا من أصحاب السلطة، استخدموا سلطتهم وبطشهم للفتك بهم، سجنا وتعذيبا، وإن كانوا من أهل الثراء والمال والجاه أغروا أصحاب السلطة للبطش بهم.

ومن الملاحظ أن المفسدين لا يضيقون ذرعا بالصالحين، ما دام صلاحهم لا يؤثر على مشاريعهم المفسدين المهلكة للحرث والنسل، ولا يأتي على استنكار شهواتهم وملذاتهم الدنيوية المحرمة، فإنهم على أتم الاستعداد لبناء المساجد، وتعمير دور تحفيظ القرآن، وفعل الخير وصنع المعروف، ما دام القائمون على ذلك كله يخضعون لرغباتهم، ويغضون الطرف عن أفعالهم المنكرة.

ولا تظهر شراسة المفسدين بوجهها السافر إلا حينما يستشعرون أن المصلحين باتوا يهددون وجودهم المرتبط بمشروعهم الإفسادي، أو يمنعونهم من ارتكاب المعاصي العلنية الظاهرة، لذا فإنهم يسعون بكل ما أوتوا من قوة لإقصاء أولئك المصلحين عن مواقع الحضور والتأثير، ويفرحون إذا ما تدخل صاحب السلطة لكف أيديهم، ومنعهم عن ممارسة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لأن ذلك يعني عندهم إطلاق أيديهم بما يرغبون ويشتهون. 

إن من آثار الإيمان وثماره الظاهرة على أهله أن يكون الإيمان محبوبا إليهم، مع اعتباره أمرا حسنا عظيما، وفي الوقت نفسه كراهيتهم للكفر والفسوق والعصيان، كما ذكر سبحانه في صفة أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام في قوله «وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الأَمْرِ لَعَنِتُّمْ وَلَكِنَّ اللهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ» (الحجرات: 7).

وإن مما يخدش الإيمان، ويعكر صفوه أن ترى بعض من ينتسبون إليه يحبون ما عليه أهل الكفر والفسق والعصيان، وربما تلبسوا بشيء من ذلك تحت سطوة الشهوات، وهو ما يقوي شوكة المفسدين، ويؤول إلى علو كلمتهم في المجتمعات، لأن تكثير سواد العصاة الفاسقين، يعني بالضرورة توسيع دوائر الفساد، وإضعاف أهل الصلاح، وتقليل وجودهم، وتراجع حضورهم وتأثيرهم. 

لا يملك أهل الإيمان والصلاح في معركة الصلاح والفساد إلا الانحياز للمصلحين، ومناوئة المفسدين، لأنهم بما آتاهم الله من نور الإيمان، وحلاوة ذكره وعبادته، لا يطيقون العيش مع أهل الفساد والإفساد، فهم يكرهون كل مظاهر الفسوق والعصيان، ويرون أن شيوع تلك المظاهر وفشوها في المجتمع تنغص عليهم طيب عيشهم الإيماني، وفي الوقت نفسه تمتحن صدق إيمانهم بإظهار كرههم لذلك كله، والقيام بواجب الدعوة إلى الله، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. 

وإن من واجب المصلحين الثبات على وظيفتهم الإصلاحية، والمواظبة عليها، وتوطين أنفسهم على تحمل كل ما يصيبهم فيها، فإن طبيعة عملهم الإصلاحية تستفز المفسدين، وتفسد عليهم مشاريعهم الإفسادية، ما يحملهم على حشد قواهم، واستجماع قدراتهم، لمواجهة المصلحين، بتهميش وجودهم، وإضعاف أثرهم، وإن اقتضى الأمر زجهم في السجون والمعتقلات، أو ما هو أكبر من ذلك، فليس ثمة ما يمنعهم من فعل ذلك، لكن العاقبة من بعد ذلك كله للصادقين المتقين.


التعليقات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا نتحمل أي مسؤولية قانونية حيال ذلك، ويتحمل كاتبها مسؤولية النشر.
تعليقات القراء
لايوجد تعليقات
أضف تعليقا
الحقول المسبوقة بعلامة (*) هي حقول إجبارية.
* الإسم :
البريد الإلكتروني :
* نص التعليق :
أرسل
2023 © جميع الحقوق محفوظة - موقع جبال البلقاء الاخباري

الموقع مرخص بموجب احكام قانون المطبوعات والنشر يمنع الاقتباس او اعادة النشر دون ذكر المصدر (جبال البلقاء الاخباري)،الاراء والتعليقات المنشورة تعبر عن رأي اصحابها فقط.