Skip Navigation Links
الرئيسية
من نحن
اتصل بنا
ارسل خبر
                 الثلاثاء , 23 نيسان 2024 م
Skip Navigation Links
اخبار البلقاء
نبض الوطن
برلمانيات
رجال الوطن
اخبار المجتمع
عربي دولي
اخبار الرياضة
منوعات وفنون
واحة الايمان
رجال الوطن
الجمعة , 16 شباط , 2018 :: 10:41 م
المجاهد مبارك أبو يامين

جبال البلقاء الاخباري:
   الكاتب : محمود الزيودي

هناك رجال ربطوا بين ضفتي نهر الأردن بعد الانتداب البريطاني على فلسطين وبداية الاستيطان الصهيوني الذي جلب اليهود من شتى بقاع الأرض تمهيداً لقلع عرب فلسطين من جذورهم في سابقة لم تحدث من قبل في المعمورة ... ربطوا بالعمل الصامت فيما كانت صحافة وإذاعة ذلك الزمن تصنع ابطالا ً من ورق في أذهان الناس ... اعتاد عرب النصيرات على عبور النهر سباحة من مخاضات معينه ويجرّون الأثقال فوق الماء مستعينين بالقرب المنفوخة بالهواء ... أشاد بهم الرحالة السويسري جون لويس بيركهارت حينما ساعدوه على عبور النهر مع قافلته عام 1812 .

وفيما بعد تطوّر دور النصيرات في مجاورة النهر بحكم خبرتهم في المخاضات المخفية عن ذهن الانجليز . بتهريب السلاح الى المناضلين الفلسطينيين ابتداء ً من عام 1929 وحتى دخول الجيش العربي الى فلسطين بعد انتهاء الانتداب البريطاني 15 ايار 1948 ... على الجانب الشرقي من النهر كانت هناك شخصية مؤثرة في ايصال سلاح المناضلين الفلسطينيين الى الضفة الغربية من النهر ... لم يكتف مبارك ابو يامين أن تكون منازله وبيّاراته في داميا مخزناً للسلاح القادم من العراق والشام والأردن لصالح الفلسطينيين ... بل اصبحت احدى غرف بيته مستشفى للمصابين في المعارك التي يخوضها عبد الرحيم ذنابه وعبد الرحيم الحاج محمد مع اليهود والانجليز... فهم لا يستطيعون دخول العيادات والمستشفيات في فلسطين وشرق الاردن بسبب الرقابة الانجليزية الصارمة ... يسافر الدكتور قاسم ملحس من عمان الى السلط وفي المساء يصحبه أحمد النجداوي وأحمد ابو جلمه وعبد الرزاق أبو هزيم وعبد الرحمن الحديدي الى مقام النبي يوشع ومن هناك يأخذه العبابيد مع ما يحمل من الأدوية وأدوات الجراحة الى منازل مبارك ابو يامين في داميا ليعالج الثوار المصابين ويعود قبل الفجر على نفس الطريق ونفس المرافقين الى عمان دون أن يعرف كلوب باشا ومدير مباحثه كوجهيل بالأمر .

ذات حين نقص الدواء في صيدليات عمان فطار الخبر الى القدس ونابلس وكحال تهريب الرجال والسلاح اجتاز الدواء مخاضة النهر ليصل الى يدي قاسم ملحس في مستشفى مبارك ابو يامين الذي يتكون كما ذكرنا من غرفة واحدة ... ليس السلاح وحده الذي عبر المخاضات مع رجال ابو يامين بل كثير من الرجال الذين يتجنبون دخول فلسطين أو الخروج منها عبر حدود الجسور التي تخضع لرقابة مشددة من البوليس الفلسطيني وهم مطلوبون لتنفيذ احكام قضائية أقلّها عشر سنوات سجن وأكثرها الإعدام .

أخبرني الرواة عن معاصري تلك الفترة أن الدكتور قاسم ملحس أحضر لأبو يامين في احدى رحلاته عشرة الاف جنيه ذهب من مكتب اللجنة العربية العليا في بيروت . بعد أن شعر المناضلون بالجهد الذي يبذله الى حد المخاطرة . ولكن مبارك رفض أخذ النقود واقترح انفاقها في شراء السلاح والتعويض على ارامل وايتام المناضلين . وقد حفظ الرواة جملته المشهورة التي قالها لقاسم ملحس وترددت اصداؤها في عمان وبغداد ودمشق وبيروت والقدس ... قال ابو يامين ... أنا أعشّي وامشّي لوجه الله تعالى ... بقي ان أذكر أن رجل القانون والنائب السابق مبارك علي ابو يامين هو حفيد صاحب الترجمة ...

جاء ابو عبد الله الضيغمي من عارضة عبّاد الى السلط مطلوبا ً لدفع غرامة أحراش ... قابل صدقي القاسم قائد درك السلط يرجوه أن يمهله الى الوقت المناسب لبيع محصوله ودفع الغرامة ... كان صدقي القاسم يبحث عن أي عبادي يعرف منازل ابو يامين ... فالباشا أبو حنيك ( جون باجيت كلوب ) طلب تجهيز قوة لمرافقته الى داميا حتى يفتش منازل مبارك ابو يامين بعد أن وردته طلبات المندوب السامي البريطاني في فلسطين ... فوجئ الضيغمي بصدقي القاسم يطلب منه الاسراع الى داميا بأي وسيلة لأنذار أبو يامين بحملة ابو حنيك حتى يخبئ ما لديه من اسلحة للثوار الفلسطينيين ... طيب والطلب يا بيك ؟ الغرامة ممكن تتأجل ؟ ... أجابه صدقي القاسم ... الغرامة علي أنا اذا قدرت تصل ابو يامين قبل الظهر.

خرج الضيغمي العبادي يتجول في سوق السلط فوجد عبادياً اخر يحذي فرسه عند البيطار ... ركب الفرس وأرخى عنانها من السلط الى النبي يوشع ثم داميا ... كان أبو يامين يقدم المناسف لبعض الضيوف من الثوار ... سأل الضيغمي ... حذير ولاّ نذير ؟ ... أتيحت الفرصة لأبو يامين أن يعيد سخرية عرار مصطفى وهبي التل من فريدريك بيك باشا في الشوبك قبل عشرين عاماً ... لا بأس من اعادة رسم صورة استقبال مدير ناحية الشوبك المحمية بإذن رب البرية لمفتش الدرك العام الذي جاء للقبض على الثائر الفلسطيني عيد الصانع .

لبس ابو وصفي العباءة فوق جلده ووضع العقال على رأسه بلا كوفية واستعمل حبلاً تالفا ًعلاّقة ً للسيف ووضع فردة نعل واحدة في قدمه ... لم ينهض مبارك أبو يامين من مجلسه عندما جاء كلوب الى مضافته ... زادت السخرية عندما ظهر المشرجي العبادي يحمل مكنسة البلاّن على كتفه مثل البندقية وهو يؤدي التحية لأبي حنيك الذي بالغ مع عسكره في التفتيش عن الأسلحة والثوار الذين خبأهم أبو يامين في حرشة أبو الزيغان الشائكة بالأشجار والنباتات ... أما الأسلحة فقد كانت تحت فراش الرجال في المضافة ... اتسعت ابتسامة صدقي القاسم وهو يتلقى أوامر الباشا بالعودة الى السلط ... علّق أبو يامين أن هذا التفتيش المفاجئ أعجل ضيوفه عن غدائهم ... ولحذره الزائد أمر بنقل الأسلحة والغداء الى الثوار في حرشة أبو الزيغان ومن هناك سيعبرون النهر الى فلسطين ... ذكر لي الذين سمعوا من معاصري ذلك الزمن أن الضيغمي لم يدفع غرامة الأحراش ولم يطالب بها فيما بعد .

وفيما بعد ايضا ً جاء فوزي القاوقجي يقود رتلا ً من المناضلين لعبور النهر قبيل انتهاء الانتداب البريطاني على فلسطين ... استنفر أبو يامين كل العبابيد حوله من الحجاحجة والنعيمات والياصجين لتسهيل عبور القاوقجي ورجاله الى الضفة الأخرى؛ ما أثار دهشة وغضب الباشا ابو حنيك في جبل عمان والمندوب السامي البريطاني في القدس ... وفيما بعد ايضا ً عبرت النهر سرية هارون ابن جازي قادمة من اذرح والجربا انتزع اغلب سلاحها الملك المؤسس عبد الله الأول بن الحسين من حرسه الخاص ... وسرية بركات الطراد الخريشه التي موّلها التاجر في عمان ابراهيم منكو وسميّت باسمه

لم ينس الجنرال جون باجيت كلوب ( أبو حنيك ) اهانة مبارك ابو يامين له في داميا ... بث عيونه ( وهي كثيرة ) في عمان حتى جاء ابو يامين الى العاصمة ... في شهر ايار من عام 1938 قبض عليه وهو في طريقه الى قصر رغدان لمقابلة الأمير عبد الله الأول بن الحسين ... ارسل الى سجن السلط ليقضي تسعة اشهر مع 42 رجلاً من العبابيد حفظ لنا الرواة من اسمائهم خليفة الندوان وعبد الوالي مجلي ... لم يستطع السلطية مهاجمة السجن لإخراجه كما فعلوا حينما سجن عودة أبو تايه في مدينتهم ... تغيّر الحرس وتغيّرت المذاهب والمشارب ... وكان جهد المقلّ كفاية العبابيد اطعام رجالهم في السجن ... فقد تكفّل السلطية طوال تسعة أشهر بإطعام المساجين والحرّاس بمعيّة ضيفهم مبارك ابو يامين ورجاله ... اعتبروه ضيفاً على مدينتهم حتى لو كان في السجن ...

تحركت الوساطات من بيروت ودمشق والقدس ونابلس الى عمان للافراج عن ابو يامين ورجاله ... كانت الأجواء متوترة في فلسطين بعد أجهاض الزعماء العرب لثورتها الكبرى عام 1936 فبريطانيا لم تف بوعودها لوقف الهجرة الصهيونية الى فلسطين التي امتلأت سجونها بالمناضلين وأنصارهم ... حينما توفي الملك غازي في العراق ( بطريقة مشبوهة ) جاءت الوفود من بلاد الشام تعزي الأمير عبد الله الأول بن الحسين واقترن العزاء بطلب الإفراج عن مبارك ابو يامين .

نشرت السلطيات البسط الملونة على جدران المنازل بين السجن ووسط المدينة ووقفن يزغردن للرجل الذي ربط بين ضفتي النهر بخيوط من الدم والرصاص ... لم ينس الامير ان ينعم على رجله حينما جاءه للسلام والتعزية بوفاة ابن أخيه ... طلب مبارك أن يستبدل الانعام عليه بالافراج عن باقي رجاله الذين تركهم في السجن ... اضطر رئيس الوزراء حسن خالد ابو الهدى لطعج قوانين ذلك الزمن الجزائية حتى يفرج عن 42 عبادياً من سجن السلط ... كرّمه الامير بزيارته في داميا .

لم يتوقف الرجل عن مهمته التي نذر نفسه من اجلها ... حينما اعلنت بريطانيا نيتها انهاء الانتداب على فلسطين بدأت حركة محمومة لعبور الرجال والسلاح الى فلسطين ... كانت أغلب المنافذ تحت رقابة الانجليز ولكن أبو يامين وعبابيده وعرب النصيرات على الضفة الأخرى لم يعدموا الحيلة في تسيير القوافل والأسلحة عبر المخاضات التي يعرفونها أكثر من غيرهم ... وفيما بعد كظموا الغضب والحزن وهم يساعدون اللاجئين الفلسطينيين على عبور نفس المخاضات الى الضفة الشرقية من النهر ... عاش مبارك ابو يامين ليشهد ضياع بقية فلسطين عام 1967 ... توفي في 30 – 8 – 1984 عن مائة واربعة أعوام ... شهد مع مخاضاته نهاية الدولة العثمانية وتمزيق بلاد الشام الى رقع متفرقة . أكبرها سوريا وأصغرها لبنان واشدها عذابا ً ومحنة فلسطين.


التعليقات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا نتحمل أي مسؤولية قانونية حيال ذلك، ويتحمل كاتبها مسؤولية النشر.
تعليقات القراء
لايوجد تعليقات
أضف تعليقا
الحقول المسبوقة بعلامة (*) هي حقول إجبارية.
* الإسم :
البريد الإلكتروني :
* نص التعليق :
أرسل
2023 © جميع الحقوق محفوظة - موقع جبال البلقاء الاخباري

الموقع مرخص بموجب احكام قانون المطبوعات والنشر يمنع الاقتباس او اعادة النشر دون ذكر المصدر (جبال البلقاء الاخباري)،الاراء والتعليقات المنشورة تعبر عن رأي اصحابها فقط.