الأحد , 26 أيار , 2024 :: 9:27 ص
المنتفشون ----- حالة ابليسية تجعله يظن أن الدنيا حيزت له ......الدكتور علي الصلاحين -
جبال البلقاء الاخباري: "ولا تحسبنّ الله غافلاً عما يعمل الظالمون؛ إنما يؤخّرهم ليومٍ تشخص فيه الأبصار، مهطعين مقنعي رؤوسهم لا يرتدّ إليهم طرفهم وأفئدتهم هواء".
فالمنتفشون حالة إبليسية تجعله يظن أن الدنيا حيزت له، وأن لا شيء يقف أمام زحفه لتحقيق أحلامه وأهدافه ولو على حساب الحياة الإنسانية البريئة للآخرين.
فمن خصائص الباطل بكل أنواعه وأشكاله وتوجهاته وأقنعته أنه ينتفش بالقوة المادية أو المعنوية التي يحوزها الفرد أو الجماعة ،اما لمدح مادح أو توفرت له اسباب اخرى بالمال والجاه والسلطان. ويزخر التاريخ بأمثلة لا حصر لها عن الباطل المنتفش بالقوة والسلاح والنار والعدد في مواجهة الحق، الذي قد يكون أحياناً أعزل من السلاح،أو قد يكون أضعف في العدة والعدد أو يكون حريصاً على السلم وحقن الدماء؛ وخاصة إن طرفي الصراع (أي الحق والباطل) من وطن واحد.
وفي كل حالات الضعف والقلة والحرص على حقن الدماء التي قد يكون عليها الحق؛ ينتفش الباطل اغتراراً بقوته المادية، وكثرة عدده، وفي ميزان قيمه وهوان دماء الناس عليه ،وأينما نقلب النظر اليوم فيمكن أن نلاحظ تجليات هذا الباطل المنتفش بالقوة، والكثرة، والاستهانة بدماء البشر. وفي فلسطين المحتلة نجد المثال الأكثر استمراراً منذ أكثر من سبعين عاماً ملأها الص....هاينة دماً وقتلاً وإجراماً وهدماً لمقومات حياة الفلسطينيين ،وهم في كل أعمالهم الإجرامية كانوا منتفشين بالقوة متناسين أنهم سبق أن قدموا أنفسهم للعالم بأنهم ضحية مظلومية تاريخية حاقت بهم في ألمانيا زمن هتلر ومن قبل في بلدان أوروبية الغربية والشرقية عاملتهم بنفس منطق الانتفاش بالقوة والحديد والنار، وهم بدلاً من أن يجعلهم تاريخهم، عندما كانوا أقلية مستضعفة، مع الاضطهاد أكثر عدلاً وتسامحاً ورحمة بالآخرين إذا بهم يصيرون عندما امتلكوا أسباب القوة المادية والمالية أسوأ أنموذج للإجرام والحقد على الحياة، وأقذر القتلة الطغاة. ومع من؟ مع أبناء الجغرافيا الحضارية الإسلامية والعربية التي أقرت بإنسانيتهم، ووفرت لها الحماية، ومنحتهم حريتهم الدينية كاملة في أزمان كانوا يعاملون فيها كالحيوانات المريضة التي لا تستحق سوى القتل ،ويقال عن الإنجليز عندما يريدون التخلص من بغالهم يطلقون عليها النار، وفي زمن اضطهادهم وتشريدهم ونفيهم كانت أبواب العالم الإسلامي مفتوحة لهم يلجأون إليه ليعيشوا فيه بأمان!
ولأن الله لا يصلح عمل المفسدين، ولأن إمهال الظالم والمد له في غيه سنة من سنن الله وليست علامة على الحق والنصر المبين، فإن كل مشاريع الإجرام التي أشرنا إليها ستكون عاقبتها إهلاكهم في الدنيا قبل الآخرة.. فهذا الإملاء وسيلة ليزدادوا إثماً وغياً،والمتاع القليل الذي يفخرون به وهم يظنونه كبيراً إنما هو وسيلة إلهاء لهم يتقلبون به في البلاد حتى إذا أخذهم الله.،أخذهم أخذ عزيز مقتدر!.
|