جبال البلقاء الاخباري:الحديث القدسي هو ما نقل عن النبي صلى الله عليه وسلم، مع إسناده إياه إلى ربه عز وجل.
ومن الفروق بين الحديث القدسي وبين القرآن الكريم ما يلي:
أ- أن القرآن لفظه ومعناه من الله تعالى. والحديث القدسي معناه من الله، ولفظه من عند النبي صلى الله عليه وسلم. ب- أن القرآن يتعبد بتلاوته. والحديث القدسي لا يتعبد بتلاوته.ج- أن القرآن يشترط في ثبوته التواتر. والحديث القدسي لا يشترط في ثبوته التواتر. ( تيسير مصطلح الحديث د محمود الطحان )
مجالات الأحاديث القدسية :
مجال التقرب من الله حباً وعبادة :-
فعن النبي صلى الله عليه وسلم: " قال الله تعالى: أنا مع عبدي حيثما ذكرني وتحركت بي شفتاه " والمعنى :" لِأَنَّهُ بمحبته وَذكره لما استولى على قلبه وروحه صَار مَعَه وجليسه بمعونته ونصرته وتوفيقه"(التيسير للمناوي ) ومثل هذا الحديث يربينا على محبة الله ، وذكره ، والتقرب إليه بعمل الصالحات ، ومناجاته ، والأنس به ، والشوق إليه ، وتعظيمه ، ورجاء عفوه ورضاه .
ثانيا : مجال البناء الاجتماعي :
وردت الأحاديث القدسية المتعددة التي تدعو لحسن معاملة الإنسان للآخرين ، ورحمتهم ، والتكافل معهم ، إضافة لرفع الروح المعنوية للإنسان ، وبيان ما له من منزلة وكرامة ، والدعوة للتماسك الاجتماعي ، ومن أمثلة ذلك قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: يَا ابْنَ آدَمَ مَرِضْتُ فَلَمْ تَعُدْنِي، قَالَ: يَا رَبِّ كَيْفَ أَعُودُكَ؟ وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ، قَالَ: أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ عَبْدِي فُلَانًا مَرِضَ فَلَمْ تَعُدْهُ، أَمَا عَلِمْتَ أَنَّكَ لَوْ عُدْتَهُ لَوَجَدْتَنِي عِنْدَهُ؟ يَا ابْنَ آدَمَ اسْتَطْعَمْتُكَ فَلَمْ تُطْعِمْنِي، قَالَ: يَا رَبِّ وَكَيْفَ أُطْعِمُكَ؟ وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ، قَالَ: أَمَا عَلِمْتَ أَنَّهُ اسْتَطْعَمَكَ عَبْدِي فُلَانٌ، فَلَمْ تُطْعِمْهُ؟ أَمَا عَلِمْتَ أَنَّكَ لَوْ أَطْعَمْتَهُ لَوَجَدْتَ ذَلِكَ عِنْدِي، يَا ابْنَ آدَمَ اسْتَسْقَيْتُكَ، فَلَمْ تَسْقِنِي، قَالَ: يَا رَبِّ كَيْفَ أَسْقِيكَ؟ وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ، قَالَ: اسْتَسْقَاكَ عَبْدِي فُلَانٌ فَلَمْ تَسْقِهِ، أَمَا إِنَّكَ لَوْ سَقَيْتَهُ وَجَدْتَ ذَلِكَ عِنْدِي " ( رواه مسلم ) قال النووي :" قَالَ الْعُلَمَاءُ إِنَّمَا أَضَافَ الْمَرَضَ إِلَيْهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَالْمُرَادُ الْعَبْدُ تَشْرِيفًا لِلْعَبْدِ وَتَقْرِيبًا لَهُ قَالُوا وَمَعْنَى وَجَدْتنِي عِنْدَهُ أَيْ وَجَدْتَ ثَوَابِي وَكَرَامَتِي وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى فِي تَمَامِ الْحَدِيثِ لَوْ أَطْعَمْتَهُ لَوَجَدْتَ ذَلِكَ عِنْدِي لَوْ أَسْقَيْتَهُ لَوَجَدْتَ ذَلِكَ عِنْدِي أَيْ ثَوَابَهُ وَاَللَّهُ أَعلم . ففي الحديث إرشاد لإطعام المحتاجين ، وزيارة المرضى ، والتودد لهم بالكلمة والمعاملة .
ومنه تحريم الانتحار ، والتخلص من الحياة نتيجة اليأس ففي الحديث :" النبي صلى الله عليه وسلم - قال: " كان برجل جراح، فقتل نفسه، فقال الله: بدرني عبدي بنفسه حرمت عليه الجنة " ( البخاري ومسلم ) والمعنى :" لكونه مستحلاً لقتل نفسه، فعقوبته مؤبدة، أو حرّمتها عليه في وقت ما، كالوقت الذي يدخل فيه السابقون " وذلك لاستهانته بالحياة وللتحذير من قلة الصبر ، والاستسلام لليأس .
ثالثا مجال إظهار فضل الله على العباد
منن الله على العباد لا تحصى ، فالله له الفضل على العباد في الخلق والإمداد والإرشاد ، وفي الحياة وبعد الممات ، وفهمنا لذلك يدفعنا لشكر الله ، وتعظيمه ، ومراعاة أحكامه ، وعمارة الأرض التي جعلنا نعيش عليها ، وأن نحيا حياة مطمئنة بعطاء الله ووعده .َفعنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: «سَبَقَتْ رَحْمَتِي غَضَبِي» ( رواه مسلم )قال النووي :" وَالْمُرَادُ بِالسَّبْقِ وَالْغَلَبَةِ هُنَا كَثْرَةُ الرَّحْمَةِ وَشُمُولُهَا .