جبال البلقاء الاخباري:الحمد لله ربّ العالمين ، وأفضل الصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين ،الناطق بالصدق والصواب، وأفضل من أوتي الحكمة وفصل الخطاب، أمّا بعد: فمن منن الله عليّ وفضله أن أكرمني بالاشتغال في العلوم الشرعية ،أسأل الله أن يجعلني ومن قرأ من العاملين المخلصين لها ،فيممت وجهي تلقاء علم الحديث النبوي الشريف، آملا أن يكون لي حظّ عظيم من قوله صلوات الله وسلامه عليه : «نَضَّرَ اللَّهُ امْرَأً سَمِعَ مِنَّا حَدِيثًا حَفِظَهُ حَتَّى يُبَلِّغَهُ فَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ إِلَى مَنْ هُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ، وَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ لَيْسَ بِفَقِيهٍ» رواه ابو داود في السنن كتاب العلم بَابُ فَضْلِ نَشْرِ الْعِلْمِ3660)
وقبل سنوات عملت على إعداد جزء يحوي من الأحاديث والأخبار التاريخية الشرعية تتناول حمى الأردن العظيم ، سميته (الأربعين الأردنية ) ، جمعت فيه أربعون حديثا تتعلق بأحاديث نبوية لها تعلق بالأردن وتاريخه الإسلامي ، ومن منن الله تعالى أن لاقت انتشارا واسعا بين طلاب العلم ، وكان عملي لجمع هذا الجزء هو الجمع ، والاستنتاج وهو خطوة على الطريق فتاريخ الأردن كبير مثلما قيل
وعلى تفنن الواصفين بوصفه يفنى الزمان وفيه ما لم يوصف
ومن المجالات التي تناولتها في الكتاب
1-ما ذكره النبي صلوات الله وسلامه عليه من أسماء مدن أردنية تقع في الأردن ، ومن ذلك عمان، والبلقاء ، وأيلة (العقبة)، ولا ريب أن ذكر النبي صلوات الله وسلامه عليه لأسماء هذه المدن، وهو يتحدث عن سعة حوضه الشريف ، له دلالة على بشارة النبي صلوات الله وسلامه عليه على إشراق شمس الإسلام في بلاد الأردن ، وجعلها بلاد الرحمة والحضارة الإنسانية العظيمة .
2-تناولت أخبار بعض الصحابة الذين كانت ساحة الأردن ميدانا لبطولاتهم، وجهادهم ، وتضحياتهم ، وهم بالآلاف في الأردن، والمعظم يعلم أن من أشهرهم أبو عبيدة بن الجراح، وزيد بن حارثة ، وجعفر الطيار ، وابن رواحة ،ومعاذ بن جبل ، فذكرت من أخبارهم وما جاء من أحاديثهم ، التي تصور لنا حركة المسلمين الأوائل خلال الديار بالشجاعة والرحمة ، ونشر الخير للبشرية ، وإدخال السعادة على الإنسانية . وغير ذلك من الذكريات التي تدخل الفرح والاعتزاز للقلوب ، ولله در النووي رحمه الله الذي ذكر في أواخر كتابه بستان العارفين
كرر على حديثهم يا حادي فحديثهم يجلي الفؤاد الصادي
3- وتناولت أيضاً أحاديث لرواة ٍمن أهل الأردن ، جاء وصفهم في كتب الحديث بالأردني كعبادة بن نسي الأردني ( 118هـ) ويحيى بن عبد العزيز الأردني ، ويحيي بن أبي المطاع الأردني ، وكذاك حديث رجال الحديث من أهل أيلة الذين نسبوا في كتب الحديث إليها ك هارون بن سعيد الأيلي (250هـ)، فذكرت طائفة من حديثهم في موضوعات متعددة .
4-تناولت أيضا أحاديث فريق من رواة الحديث الذين مروا في الأردن ووافتهم المنية فيه ، مثل عبد الرحمن بن القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق الذي وافته المنية في المفرق التي كانت تعرف بالفدين ، وعبد الله بن محمد بن علي أبي طالب الهاشمي القرشي المتوفى في البلقاء والمدفون بالحميمة سنة 99هـ
5- حرصت على ذكر المظان التي رجعت إليها، وعلى رأسها الكتب الستة، ومسند الإمام أحمد ، وكتب الطبراني، وتاريخ دمشق لابن عساكر ، وكتب التراجم والطبقات كتذهيب التذهيب والتقريب للحافظ ابن حجر ،مع تدقيق المعلومات وبيان مصدرها .
6- يحق لنا أن نبتهج بوطننا الذي فيه مهد الرسالات والذي كان نهره ملتقى الأنبياء زكريا ويحيي وعيسى عليهم السلام ، وكانت سماؤه ممرا لمسرى النبي محمد صلوات الله عليه للمسجد الأقصى ، ودولتنا الأردنية بقيادتها الهاشمية التي أطلقت رسالة عمان لتجمع الكلمة ، وتمنع التطرف ،وتوضح حقائق الإسلام العظيم الذي جاء ليسعد الإنسانية ، ويحق لنا أن نعتز بتاريخ هذا البلد وأن نحافظ عليه بالعمل الصالح ، فالحنين إلى الوطن وحبه شرع ودين مثلما نص على ذلك الحافظ ابن حجر في الفتح 3/623) وبالله التوفيق .