Skip Navigation Links
الرئيسية
من نحن
اتصل بنا
ارسل خبر
                 الجمعة , 26 نيسان 2024 م
Skip Navigation Links
اخبار البلقاء
نبض الوطن
برلمانيات
رجال الوطن
اخبار المجتمع
عربي دولي
اخبار الرياضة
منوعات وفنون
واحة الايمان
واحة الايمان
الثلاثاء , 02 تموز , 2019 :: 10:21 ص
الشاهد المشهود لوليد سيف.. مذكرات للأحرار فقط..معتز أبو قاسم

جبال البلقاء الاخباري: وتتمة للعنوان نزيدُ لمن تراوده نفسه على التحرر "والعبيد الذين يكاتبون أسيادهم ليتحرروا" لقد قرأت هذه المذكرات فحزنتُ ثلاثا، حزنت مرةً على فلسطين التي ضاعت منا وتُهنا عنها، ثم حزنت أخرى على أمي التي اغتربتُ عنها، وحزنت أخيرا على أمتى العربية الإسلامية التي تنازَعها الطغاة والغُزاة.

لك أن تقرظ الكتاب وصاحبه وأي شرف فوق هذا الشرف الذي تحوزه أنت وقلمك بتقريظك ما يخطه قلم النابغة المبدع الدكتور وليد سيف - متعنا الله بقلمه وحضوره - ولكنْ سيف لم يكتب هذا الكتاب ليمدحه الناس، إن الذي يكتب ليُمدح هو الذي ينافق ليُمدح، والكتاب على الضفة المقابلة للنفاق والمجاملة والمساومة.

وربما يقول قائل كتبهُ ليبدع على عادة الأدباء من أهل الفن الذين يُشبعون حاجة في أنفسهم كالعربي الجاهلي حين كان يُنصت للبيان يتملى منه وحين كان يقوله وينفثه لتهدأ بلابله.

وربما كان كَتَبَهُ لتطمئن نفسه وهو ينظر إلى أعماله الإبداعية الجديدة تتهاداها الأيدي والأفواه بين تمثُّلٍ وسماع اعترافا له بأستاذيته الدرامية والحكائية.

ولكني رأيتُ هذه المذكرات - وقد أجاز لي الكاتبُ أن أتحرر من الأطر على شرط الإبداع الملتزم الذي يحفظ النِّسَبَ فلا يطيش قلمُه- كُتِبَت لتكون نموذجا إنسانيا يُحتذى فيما كان شرطه الاختيار فقط، أما فيما كان اضطرارا فلا؛ كأن تولد فلسطينيا أو أن تُوهَب الأدب والشعر أو أن تدرس في الجامعة الأردنية ثم في لندن ثم تُبتلى بوطنٍ قد سُرق أمام عينيك بمباركة ممن كُنتَ تحسَبُهم يدَكَ وسندَك وظهيرك.

كتب وليد سيف عن نفسه ولكننا وجدنا نفوسنا هي التي تتهادى أمامنا وتروح هنا وهناك، وتبكى هنا لتفرح هناك وتظلم هنا لتُظلَم هناك، كتب عن الرائحة والطعم واللون والأمل والألم، فشممتُ وتلذذتُ وتذكرت واستبشرتُ ثم انحطمتُ.

وكان شدّ ما أخذني في المذكرات تلك الجرأةُ المُتَّزنة الخالية خُلوا تاما من النفاق أو الخوف في نصائحه وفي سوقِ محاكماته وآرائه وتطلعاته وخُلاصات تجاربه، لم يدفع عن نفسه ضعفَ الإنسان، بل جعل من حياته سردا عرض فيه على قرائه نجاحاته كما إخفاقاته، لم يخجل أن يكتبَ عن تجاربه العاطفية ولكن بقلمٍ لا يجنحُ فينسى أنه يكتب ليثبت تلك اللحظة التي لا يكاد يفلتُ منها فتى، لا لينشئ خيالا يُمدِّه من خلفه خيالٌ.

ولم يكن تدينه وبِرُّه بوالديه وأقربائه بصارفه عن الكتابة عنهم - بما لا يُخل بمكانة الوالد من الابن - بما يظهر من خلالهم ومن خلال مجتمعاتهم وثقافتهم أخطاء وأنماطا من السلوك كانت هي الحاكم وقتها وما زال الكثير منها إلى اليوم يعملُ عملَه فينا.

لقد كان مُحقا فكتبَ عن ثقافة ظلم المرأة، فجدَّته وأُمُّه وعمَّته كما هو شأن مثيلاتهن كلهن وقعن تحت هذا السوط الثقافي الذي نال من حريتهن كما أفقر من طموحهن وضيَّق الجغرافية في عيونهن حتى لا تُجاوز جدران البيت وفي أحسن الأحوال يقف خيالها حيث يقف خيال الزوج.

وهذا حظهن من ثقافة ذكورية غالبة أخنى عليها الدهر فشوهت أجمل توجيهات النبي صلى الله عليه وسلم التي تأمر بالرفق بالنساء والتحرز من ظلمهن. فاستبدلنا بالرفق والرحمة والمودة غلظةً وتسلُّطا وجبروتا.

إن غالب مذكراتنا ألمٌ.. لم نفرح إلا قليلا، كأننا أمسينا أهلا للحزن يصلنا رحمًا لا تنقطع تأثُّمًا.

أفرغ وليد سيف من جعبته حديثا طويلا عن حال الأمة التي ضيَّعها أولياؤها طمعا في مغانم قريبة ونسوا مغارم على الشعب تلحقه كليل طويل سرمد لا ينتهي.

حدثنا عن القبيلة متى يكون الانتساب لها شرفا يُتبخبخ به، ومتى تكون العشيرة نورا في النهار لقاصدي المجد وتكون نجوما في الليل للمهتدين إلى سُبل السلامة.

حدثنا عن "الحزب" عندما يشتد اللجاج فيه وتتقاتل النوازع النفسية والمصالح بين كوادره وقياداته على جعله تكسُّبا لإعمار بيتٍ وشراء سيارة فارهة وتبغددٍ وتنعمٍ على حساب القضايا المصيرية والمبادئ، ومن شدة اللجاج تنزلق النقطة عن حرف الزين لتصافح الحاء فيصبح الحزب مكانا "خَرِب".

حكا لنا عن الدول كيف تنهض بعد لأيٍ، وحكا لنا الثمن كذلك، فما من نهوض إلى بصاحب مبدأ ومصابرة وتضحية، أما "المستبد العادل" فهو تناقض منطقي أصاب عقولنا قبل أن يصيب العبارة، وهل هذا المستبد العادل إلا رجل يسئ الظنَّ بقدرة أمته على تحمل مسؤولياتها؛ فهم إما أطفالٌ لا يطيقون الديمقراطية ولا أن يكون قرارهم بيدهم، أو هم أنجاس أوباش يتحيَّنون الحرية ليطغوا ويعيثوا في الأرض فسادا، لذلك يَسْتَبدُّ بهم وإن أمكن عَدَلَ بينهم، وقد نسي هذا المستبد أن الاستبداد نقيض العدل وخصمه.

وقفتُ كثيرا عند كثيرٍ من عباراته وتأملاته وأخذتُ أعيدها وأتملّى منها، فلستَ بواجدٍ مثلها إلا في القليل النادر من بياننا اليوم.

مِنَ الناسِ مَن لَفظُهُ لُؤلُؤٌ... يُبادِرُهُ اللَقطُ إِذ يُلفَظُ

وَبَعضُهُمُ قَولُهُ كَالحَصى... يُقالُ فَيُلغى وَلا يُحفَظُ

وأحبُّ أن أشْرِكَ القارئ فيما هزني من بيان الرجل ومعانيه بسوق مجموعة من عباراته:

•    لا يصهل الحصان في الشوارع المكتظة بالسيارات
•    لا ينبت الزعتر الجبلي على الإسفلت
•    الشجاعة هي في تفضيل مغارم العقل على مغانم الجهل
•    سبحان الله، لا يأمن الناس تهديد الغزاة إلا بترويعهم من طرف الطغاة، وهم بين خيارين لا ثالث لهما: إما أن يستعبدهم الطغاة وإما أن يسيتعبدهم الغزاة. والحق أن الطغاة هم شرط الغزاة 
•    أوَّل اللذات دائما أروعُها
•    الصراعات الإنسانية في أحد وجوهها الرئيسية صراعات بين الروايات المتعارضة، والأقدرُ على فرض روايته وتسويقها هو الأقوى في علاقات القوة التي تنتظم فيها الحياة الإنسانية
•    النص لا يتخلَّقُ في فراغ، وإنما هو نتاج نصوص تملأ الوعي وتُغْنِي الوجدان وتُطلق المخيّلة وتوسع المعجم وتصقل الأسلوب 
•    إن شرط رفاه الشعوب العربية ليس الانصراف عن فلسطين، بل التخلص من الفساد والتسلط والاستبداد
•    وما الحلم الفلسطيني الذي تولى سفارته الشعر والأدب والفنون، إذا أُسقِط منه حقُّ العودة؟ هل يذهب الحلم مع الريح وتبقى اللصوص والنصوص 
•    هل سقط الشهداء ليوفروا لنا الجلدَ الذي نُدون عليه أشعارنا، ومِداد الدم الذي نكتبها به، ثم إذا فرغنا من ذلك اجتهدنا وسعنا أن نُغرِّبها عن مصادرها، كي تكتسب هوية "عالمية" تؤهلنا لعضوية منتدى لا يسمح لأعضائه باصطحاب الشهداء
•    هل يصير الشعرُ أكبر من الوطن الذي انبثق من أحلامه وأوجاعه؟ وهل يصير الوطن عبئا على طموح الشعر في التجوال في عواصم العالم؟ وهل نرضى أن تكون كل البلاد بلادنا إلا بلدنُا؟
•    لم يفوِّض اللاجئ أحدا بالتصرف بحلمه والمقايضة عليه، والسفارة للحلم هي على شرط صاحب الحلم. العودة في آخر المطاف أو هي القيامة
•    ليس المخيم وطن الملائكة ولا وطن الشياطين، شأنه في ذلك شأن سائر الأمكنة والبيئات. إنما هو كغيره موطن للبشر ! وكفى بذلك مدحا، وكفى به ذما
•    تلك آفة النصوص حين يوحي بها اللصوص
•    النهايا المفتوحة في قصص الغياب والتيه التراجيدية تورث الحزن والحسرات أضعاف ما تورثه النهايات المغلقة بالمصير المحتوم. فالأمل فيما لا يُطال يُؤبِّد الشقاء
•    حاولتُ أن أكتب حزني ولكنه كان أكبرَ من العبارة 
•    الأرض ليست بعيدة عن السماء، والنزول فيها أول الصعود منها، وكثير ما يكون باطنها خيرا من ظاهرها 
•    كان عليه أن يشهد بعيونه فلسطين تضمر أمام البصر بقدر ما تكبر في الوجدان والضمير والمخيلة
•    "ناصر الدين الأسد".. كان عروبيا بدون ضجيج الشعارات الثورية الرنّانة، ومسلما وسطيا منافحا عن تراثه الإسلامي وهويته الحضارية
•    ترقُّ حينا كأنها اليمامة، حتى إذا ظننتَ أنها توشك أن تقف على كتفك، مدَّت جناح الصقر وانطلقت بعيدا فوق ذرى الجبال حتى لم تعد تراها
•    الانحطاط ليس وليدَ الساعة، وإن له جذورا ممتدة في عمق التاريخ
•    الحفاظ على الهوية الثقافية لا يكون بالانغلاق والجمود، وإنما بالتطوير والامتداد والمحافظة على حيوية الإنتاج المعرفي
•    التخلف المعاصر الذي نحن فيه لم يُنجب نظيرا معاصرا للغزالي ولا ابن رشد، وإنما أنجب ذهنيات إقصائية انتقائية تدعي لنفسها امتلاك الحقيقة المطلقة
•    لا شرطَ لمن لا يملك ترف الخيار
•    أزعم أن المقاومة الفلسطينية منذ سنواتها الأولى بعد عام 1967 كانت ما سوف تكون
•    هل من سبيل لإحباط أي هدف شعبي وطني عادل ونبيل في المجتمع العربي الإسلامي أقوى من أن تضع الناس بين خيارين لا ثالث لهما: فإما دينهم وهويتهم الحضارية، وإما الهدف الشعبي الذي فيه تحررهم وصلاح أمرهم 
•    المبدعُ..يكفيه من الأصدقاء عدد قليل، ولا يكتفي من قُرائه أبدا
•    إن فضاء الوطن وقضيته يبقى أوسع من فضاء التنظيم، والجماعة الوطنية أكبر من العشيرة التنظيمية
•    المزاج الفكري العام المتنافر مع صورة التدين في الوسط الأدبي والشعري، يتغذى.. من عنصر الغرور والاستعلاء النخبوي المضمر وإن لم يُبده صاحبه
•    لماذا تحضر مبادئ حرية الرأي والتعبير والشجاعة الأدبية في الدفاع عن أعمال تطعن في المقدس الديني وتغيب عن مواقف الأدباء- إلا قلة منهم- من الحكام المستبدين في أوطانهم 
•    ما الفرق بين أصولي متطرف يرفض الديمقراطية باعتبارها بدعة غربية تخالف مبادئ الدين، وتقدمي يرفضها بوصفها بدعة رأسمالية تتعارض مع مبادئ الاشتراكية العلمية وديمقراطيتها الاجتماعية، وليبرالي يشترط لها إقصاء أطراف معينة قبل الشروط في تطبيقها 
•    إذا أقررنا أن الناس هم وسيلة التنمية وغايتها في الوقت نفسه، فإن الوصفة الكفيلة بإحباط مشروع التغيير والتنوير تتمثل في مصادمة حساسياتهم الدينية والثقافية الراسخة العميقة
•    التجربة الصوفية تُبدد غرورك الفكري النخبوي في سياق البحث عن الحقيقة الروحية
•    الثقافة ليست ظاهرة طبيعية لم يكن لنا شأن في إنتاجها، وإنما هي ظاهرة اجتماعية أنتجها الوعي الإنساني الاجتماعي لفهم العالم من حوله وتنظيم علاقاته به وبالجماعة التي ينتمي إليها
•    استبداد وليبرالية لا يجتمعان إلا في عقول عربية أَلِفت أن تجمع بين أسوء ما في تقاليدنا وأسوأ ما في تقاليد الغرب 
•    من سيؤهلنا للديمقراطية قبل التخلص من الاستبداد؟ أهو النظام المستبد نفسه؟
•    أين في غير هذا العالم العربي يكون النظام المستبد الضمان الوحيد للاستقرار والأمن، كما يوحي الكثيرون؟
•    يخوفونك من الغزاة إذا ثرتُ على الطغاة، وما علموا أن الطغاة هم شرط الغزاة
•    إن الشعوب التي أذلها الطُّغاة غير مؤهلة لمواجهة الغزاة، وقد يصل ببعضها سوء الحال من الطغيان الداخلي أن تتساءل: ما الفرق بين الطغاة والغزاة؟
•    وحسبي أن أبقى على ثغور الذاكرة الفلسطينية أشارك في حراستها، وأن أسهم في حماية الرواية الفلسطينية من العبث والتحريف، حتى يبلغ الكتاب أجله، وأجله عندي القدس وحيفا ويافا، أو القيامة.


التعليقات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا نتحمل أي مسؤولية قانونية حيال ذلك، ويتحمل كاتبها مسؤولية النشر.
تعليقات القراء
لايوجد تعليقات
أضف تعليقا
الحقول المسبوقة بعلامة (*) هي حقول إجبارية.
* الإسم :
البريد الإلكتروني :
* نص التعليق :
أرسل
2023 © جميع الحقوق محفوظة - موقع جبال البلقاء الاخباري

الموقع مرخص بموجب احكام قانون المطبوعات والنشر يمنع الاقتباس او اعادة النشر دون ذكر المصدر (جبال البلقاء الاخباري)،الاراء والتعليقات المنشورة تعبر عن رأي اصحابها فقط.