جبال البلقاء الاخباري:
عبد الله ابن عباس رضي الله عنهما
الصحابي الهاشمي المحب لدينه ولأمته
بداية من أراد أن يقف على التصورات الشاملة فعليه ان يحيط خبرا عما يبحث فيه من موضوعات، ولكل علم مصادر ومراجع،
ولرجال الإسلام تراجم في كتب الطبقات المعتمدة ممن كتبها ابن عبد البر، والحافظ الذهبي، والحافظ ابن حجر، إضافة اننا نستطيع الوقوف على منجزات هؤلاء العظام في مجال البحث والفكر والاجتهاد، ونستطيع بعد ذلك دفع ما نسج حول هؤلاء العظام من أقوال مكذوبة تتصادم مع طبيعة هؤلاء الأعلام والسادة والكرام.
ابن عباس حبر الأمة، وترجمان القرآن، تعلم في مدرسة النبوة وفي ذلكم يقول ابن عباس رضي الله عنهما : كنت خلف النبي صلى الله عليه وآله وسلم يوماً فقال: ( يا غلام إني أعلمك كلمات: احفظ الله يحفظك ، احفظ الله تجده تجاهك ، إذا سألت فاسأل الله ، وإذا استعنت فاستعن بالله ، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله تعالى لك ، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله تعالى عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف . تعرّف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة ، واعلم أن ما أخطأك لم يكن ليصيبك ، وما أصابك لم يكن ليخطئك ، واعلم أن النصر مع الصبر ، وأن الفرج مع الكرب ، وأن مع العسر يسراً ) . رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح . وفي رواية غير الترمذي: ( احفظ الله تجده أمامك ) .
كما أن عباس استدرك ما فاته في زمن النبوة فقام بزيارة الصحابة الكرام ممن سبقوه هو عم رسول اللَّه. فقال: هكذا أمرنا أن نفعل بعلمائنا. فقبّل زيد بن ثابت يده، و قال: هكذا أمرنا أن نفعل بأهل بيت نبينا. ( الإصابة لابن حجر العسقلاني)
هذا الأدب دفع الصحابة لحب ابن عباس رضي الله عنه وتقديمه على غيره، فحظي بمنزلة فضلى عند خلفاء المسلمين، فعن الزهري، قال: قال المهاجرون لعمر: ألا تدعو أبناءنا كما تدعو ابن عباس؟ قال: ذاكم فتى الكهول، له لسان سئول، و قلب عقول. ( الإصابة لابن حجر) ولا ننسى ان ابن عباس حاور الخوارج في زمن علي رضي الله عنه وأقام الحجة عليهم فرجع العديد منهم لمنطق العدل، والرحمة، بفضل ابن عباس، وقوة حجته، ومهارته في الحوار والإقناع.
كان ابن عباس عالما جليلا، يحمل قلبا كبيرا لمجتمعه ولأمته، ساعيا في إرشاد الناس للفضائل، وقيم العدل، والمحبة، والرحمة
عن عبد اللَّه بن بريدة، قال: شتم رجل ابن عباس، فقال: إنك لتشتمني و فيّ ثلاث: إني لأسمع بالحاكم من حكّام المسلمين يعدل في حكمه فأحبه، و لعلّي لا أقاضي إليه أبدا، و إني لأسمع بالغيث يصيب البلاد من بلدان المسلمين فأفرح به و ما لي بها سائمة و لا راعية، و إني لآتي على آية من كتاب اللَّه تعالى فوددت أن المسلمين كلهم يعلمون منها مثل ما أعلم.( الإصابة لابن حجر)
ما احوجنا لدراسة تراجم هؤلاء الأبطال بشكل كلي، يمنحنا تصورا لما كان يمتلكه هؤلاء القوم الكرام من نقاط قوة ونجاح، فنتعلم منها تعزيز توحيد الأمة، بدلا من السعي لإفسادها،وتفريق أمرها.