جبال البلقاء الاخباري: لفت الحق سبحانه وتعالى عقولنا للتفكر في خلق السموات والأرض في مواضع كثيرة من كتابه الذي يستثير العقول للفكر والبحث ، قال تعالى : سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ( فصلت 53)
وهناك مفردات كثيرة في القرآن تتناول موضوع السماء ، والكواكب ، والنجوم، قال تعالى :" فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ ( الواقعة 75-76) وقال تعالى لافتاً الأنظار إلى سعة المملكة الربانية " والسماء بنيناها بأييد وإنا لموسعون والأرض فرشناها فنعم الماهدون ومن كل شيء خلقنا زوجين لعلكم تذكرون "(الذاريات من 47- 49)
وكذلك فإن الإسلام صحح معتقدات الناس في نظرتهم للكواكب فبين أنها مخلوقة ، وأنها لا يصح أن تعبد ، وأن ظهورها ، أو ما يمر بها من (الفيزياء الفلكية ) لا يدل على تأثرها بحياة الناس الاجتماعية ، وإنما وفق سنن ربانية لا تتخطاها قال تعالى :" والشمس تجري لمستقر لها ذلك تقدير العزيز العليم والقمر قدرناه منازل حتى عاد كالعرجون القديم لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر ولا الليل سابق النهار وكل في فلك يسبحون (يس من 38-40) ولما كسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم مات إبراهيم، فقال الناس: كسفت الشمس لموت إبراهيم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الشمس والقمر لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته، فإذا رأيتم فصلوا، وادعوا الله» ( رواه البخاري ومسلم)
نتحدث بهذا الموضوع بعد ما أثير من ضجة ، حول ما التقطه تلسكوب جيمس ويب الفضائي من صور لكواكب ، ومجرات تبعد عنا الاف السنوات الضوئية ، وتتناول هذه الأبحاث معرفة عمر الكون الممتد في رحم الزمن ، وقد كلفت هذه الدراسات المليارات ، وعلى كل يبقى البحث في مجال البحث العلمي .
لكن لأمر المستغرب ، هو تأثر البعض بهذه الأحداث وكأنها تعارض الإسلام ، وكأن الإسلام يحارب العلم والبحث العلمي ، وهذا ظلم للإسلام الذي افتتح أعظم كتاب في الوجود بقوله تعالى :" اقرأ باسم ربك الذي خلق " العلق :1) ، والذي حارب الخرافة ، ودعا لاتباع المنهج العلمي قال تعالى :" ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا"( الإسراء : 36) ، لذا فإن هذه الصور الملتقطة لا تفيد أهل الإلحاد ، وما يظهر فيها من جماليات هي آيات عقلية تؤكد ما أورده القرآن الكريم من حديث عن حسن النظام الكوني ، وأن الإبداع والتناسق الظاهر فيه يدل على الله وعظمته ، قال تعالى :" بديع السماوات والأرض وإذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون" ( البقرة :117) إننا مدعون للتأمل في الكون والمحافظة عليه ، والانتفاع منه وفق ما سخره الله لنا ، لا بعبثية ، بل بطريقة تجعلنا نتناغم مع الكون في تسبيحه ودلالته على أن الله أحسن الخالقين ، "نعم قد يصل المخلوق للاختراع لكنه لا يتمكن من الإيجاد من العدم" ( تفسير التسهيل لابن جزي بتلخيص) ، وبهذا فالحقائق العلمية مؤكدة للإيمان ، وهادمة لفكر الملحدين ، فسبحان ربي العظيم .